زاد الاردن الاخباري -
ارفعت وتيرة الجدل حول مصداقية منظمة"هيومن رايتس ووتش" ومحاولتها اختراق حصن بعض الشؤون الاردنية, و لم يتطلب الامر الا عدة اراء خجولة لينتقل الخلاف الى صفوف الاردنيين بين مؤيد و معارض. تبعا لذلك, حررت بحق دودين مخالفة السير بالاتجاه المعاكس لدعم التوطين السياسي و اغضاب البعض في وزارة الداخلية التي ارهقها التقرير. و قد تناولت بعض الصحف العربية ما قد يكون اشبه بتهم موجهة لمدير التلفزيون صالح القلاب الذي تفاجأ مع مستشاريه باجابات دودين تباينت بين تجهيز التلفزيون لمرحلة قد تنطوي على التمهيد لمشروعات اقليمية، واقتصارها على احضار انصار الوطن البديل ومنظري التوطين لمقر التلفزيون.
و قد باتت قضية سحب الجنسيات من الاردنيين من اصل فلسطيني التفاحة المحرمة التي قطفها وزير الاعلام الاردني الاسبق مروان دودين بعد دقائق قليلة من ظهوره على شاشة التلفزيون الاردني مدافعا عن مصداقية المنظمة ومذكرا المشاهدين بأن هذه المنظمة هي التي كشفت الفظائع الامريكية في سجون ومعتقلات العراق.
استضافة التلفزيون لدودين حملت في طياتها محاولة للتصدي لتقرير سحب الجنسيات, و محاولة عابثة لعلاج الارق الذي اصاب المسؤولين اثر تجاهل السلطة الرابعة التصدي لفرضية "المؤامرة" التي حاكتها المنظمة للبلاد .
مداخلة يهتز لها الايقاع السياسي من الوزير دودين الذي يعد احد أعمدة العلاقة الاردنية الفلسطينية ,ما راهن عليه المتربصون بالمنظمة الامريكية وتقريرها لتحقيق المزيد من التنديد بنوايا المنظمة وكل من يدافع عنها تحت لافتة التصدي للتوطين.
دودين ضرب التوقعات بعرض الحائط حين افاد بعدم قراءته تقرير سحب الجنسيات لكنه يعرف بأن منظمة "هيومن رايتس ووتش" تحظى بالمصداقية, واتبعها باحباط محاولات المذيعة المتكررة للحديث عن النوايا الشيطانية للتقرير برد معاكس عندما اشار لمحتوى قرار الملك الراحل الحسين بن طلال بخصوص فك الارتباط والتطبيقات التعسفية للحكومة في سحب الجنسيات.
و في دفاع عن النفس سارعت ادارة التلفزيون بالقول: "ان المسألة في نطاق التحول الذي وعد به رئيس الوزراء سمير الرفاعي عندما قال بان جميع الآراء ستسمع نفسها عبر الشاشة اليتيمة في البلاد".
اما من جانبه, فقد اوضح دودين لبعض من سألوه لاحقا بأنه تحدث بالامر كما يمليه عليه ضميره، مشيرا في مجالسات خاصة الى انه شخصيا كان في مطبخ الملك حسين السياسي عندما تقرر فك الارتباط ولان ما يجري الآن لا علاقة له بما تقرر وقتها، وهو عمليا نفس الرأي الذي اعلنه قبل سنتين وزير الداخلية الذي وضع تعليمات فك الارتباط رجائي الدجاني.
و ضمن سلسلة التناقضات المتواترة, و خاصة في صفوف المعارضة , برزت في صف الدفاع المتطرف عن المنظمة الحائد عن درب التقرير, المعارضة توجان الفيصل التي التقطت مفارقة صارخة عندما اشارت الى ان شعوب العالم تغير حكوماتها باستثناء الاردن، حيث الحكومة تستطيع تغيير شعبها عبر آليات سحب الجنسيات، معترضة بشدة على فكرة ان ينام الانسان اردنيا ثم يصحو بالتالي بلا جنسيته بذريعة دعاوى فك الارتباط والحفاظ على الهوية الفلسطينية.
يقف في الجهة الاخرى في المعارضة من كان من طراز ليث الشبيلات وغيره بامتناعهم عن المشاركة في تأييد الدعوة لدسترة قرار فك الارتباط والانفصال التام عن الضفة الغربية، وكذلك عن المشاركة في فعاليات اتهام الاخرين بفرية السعي للتوطين والوطن البديل.
أما صحيفة القدس فقد رأت ان تقرير سحب الجنسيات ما زال في عمق الايقاع, لان مرجعيات مهمة في الدولة تراقب حالات شطب الرقم الوطني بدعوى فك الارتباط، ولان سمير الرفاعي رئيس الوزراء يبحث عن اي حل او آلية تنتج مسافة آمنة بين حكومته وبين صداع هذا الملف الشائك، فتقرير سحب الجنسيات نشر بعدما وجهت "هيومن رايتس ووتش" عشرة اسئلة على الاقل لوزارة الداخلية، وانتظرت طويلا دون اجابة ليس لعدم وجود اجابة ولكن لان كلفة اعلان الاجوبة فيما يبدو اعلى بكثير من كلفة تجاهلها.