في تطور دراماتيكي يعكس التوترات السياسية والاجتماعية المتصاعدة في صربيا، وجه الرئيس ألكسندر فوتشيتش اتهامات مباشرة لأجهزة استخبارات أجنبية بالسعي لإزاحته من السلطة عبر دعم الاحتجاجات الشعبية التي تعصف بالبلاد ، وجاءت تصريحاته في مقطع فيديو نشره على إنستغرام، حيث شدد على عزمه البقاء ومواجهة التحديات، قائلاً: "لن أهرب من البلاد مثلما يتوقع البعض ، سأقاتل من أجل صربيا وشعبي، ولن أكون أداة في أيدي القوى الأجنبية التي تهدف إلى إضعاف دولتنا وإهانتها."
وتصريحات فوتشيتش جاءت في سياق احتجاجات واسعة النطاق اندلعت إثر حادثة مروعة شهدتها مدينة نوفي ساد، حيث أدى انهيار سقف محطة سكة حديد إلى مقتل 15 شخصاً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ، الحادثة فجرت غضباً شعبياً، حيث ألقى المتظاهرون باللوم على الفساد وسوء تنفيذ مشاريع البنية التحتية، في إطار اتفاقيات مع شركات صينية وُصفت بأنها "غامضة" ، وهذه الاحتجاجات، التي امتدت إلى العاصمة بلغراد ومدن أخرى، انضمت إليها شرائح واسعة من المجتمع، بما في ذلك طلاب الجامعات، الذين يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة ، وخصوم الرئيس شبّهوا قبضته الحديدية على السلطة بالأنظمة الدكتاتورية الأخرى، معتبرين أن مصيره قد ينتهي بالفرار كما حدث مع زعماء آخرين في لحظات الأزمات ، إلا أن فوتشيتش أبدى إصراراً واضحاً على مواجهة الموقف، مؤكداً أن هذه الاحتجاجات جزء من مخطط خارجي لزعزعة استقرار صربيا ،وصرح قائلاً: "إذا كان البعض يعتقد أنني سأهرب مثل الأسد، فهم مخطئون ، لن أترك بلادي ولن أتنازل عن مسؤوليتي أمام شعبي." كما تعهد بالكشف عن "مخططات التمويل الخارجي" التي، وفق قوله، تستهدف إضعاف استقلال صربيا وتحويلها إلى دولة تابعة لا تملك قرارها السيادي ، وبينما يرى المحتجون أن الأزمة الحالية تعكس سنوات من الفساد وسوء الإدارة، يتهم فوتشيتش القوى الغربية باستخدام "أساليب هجينة" للإطاحة به، مستهدفين مشروعه السياسي ، ويأتي هذا في ظل تنامي النفوذ الصيني في مشاريع البنية التحتية الصربية، وهو ما قد يكون مصدراً للقلق بالنسبة للدول الغربية ، والأزمة الحالية في صربيا تتجاوز كونها مجرد احتجاجات شعبية، إذ تعكس صراعاً أوسع بين القوى الداخلية والخارجية على مستقبل البلاد ، وبغض النظر عن الاتهامات المتبادلة، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن صربيا من تجاوز هذه العاصفة دون التضحية باستقلالها السياسي والسيادي؟! والأيام القادمة قد تكون حاسمة، ليس فقط لمصير الرئيس فوتشيتش، بل أيضاً لمستقبل صربيا كدولة تواجه خيارات معقدة بين مصالحها الوطنية وضغوط القوى الدولية ... !! خادم الإنسانية.
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .