زاد الاردن الاخباري -
صورة محزنة ترتسم لدى زائر المدينة الوردية هذه الأيام، فبعد أن كان زوار إحدى عجائب الدنيا السبع يتزاحمون في سيقها الممتد حتى الخزنة، المعلم الرئيس في المدينة، أمسى اليوم زائرها يسير وحيدا في مشهد مريب لم تعايشه البترا منذ جائحة كورونا.
بممرات هادئة وبطرقات شبه خالية وبأدلاء سياحيين يفترشون قارعة الطريق، يبث أحد أهم المواقع السياحية في المملكة شكواه مما ألم به من شح الزوار الذي انخفض عددهم بما يناهز 75 % منذ بداية العام الحالي، بحسب الغد.
ولعل السبب الأهم وراء هذه الحالة التوترات الإقليمية التي تشهدها المنطقة جراء العدوان الذي يشنه الكيان الصهيوني على عدة دول في المنطقة وفي مقدمتها قطاع غزة وذلك منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.
هذه التوترات الأمنية دفعت دولا أجنبية إلى وضع الأردن ضمن المنطقة الحمراء سياحيا، ما يعني أن هذه الدولة أو المنطقة تعتبر غير آمنة للسفر، وفقا لتقييمات هذه الدول، ولا ينصح المسافرون بزيارة هذه الوجهة.
وخلال زيارة لمدينة البترا رصد غياب واضح للسياح الأجانب الذين عادة ما تعج بهم المدينة في مثل هذا الوقت من العام من مختلف دول العالم لمشاهدة جمالية المنحوتة الصخرية بين الجبال الشاهقة والتي أنشئت في عام 312 قبل الميلاد كعاصمة لمملكة الأنباط.
ويصف صاحب أحد محال بيع التحف محمد النوافلة الحركة السياحية بالمدينة "بالكارثية" بفعل غياب السياح الأجانب من مختلف دول العالم، قائلا: "مع فقدانهم أصبحنا نخسر كل شيء".
ويقول النوافلة "كنا نستقبل قبل العدوان الصهيوني على غزة ودول بالمنطقة آلاف السياح من مختلف دول العالم يوميا والآن لا يتجاوز مئات الأشخاص بما فيهم القادمون من مختلف محافظات المملكة".
ويضيف، بملامح حزينة على ما يجري بالمدينة الوردية، إن المبيعات تراجعت لأكثر من 80 % ولم نعد نستطع أن نغطي المصاريف التشغيلية خصوصا فواتير الكهرباء وبدلات الإيجار.
ويشير إلى أن أبواب المحال نتيجة لغياب السياح تفتح الآن من الساعة 10 صباحا وتغلق عند الساعة 4 مساء بعد أن كانت تفتح من الـ6 صباحا وحتى ساعات متأخرة من الليل.
ويطالب النوافلة بضرورة إطلاق برامج دعم سريعة لإنقاذ ما تبقى من المحال التجارية، بالإضافة إلى تكثيف حملات الترويج عبر مختلف الأدوات الحديثة لجذب السياح والتأكيد على أن الأردن بلد مستقر وآمن وبعيد عما يحدث بالمنطقة، بالإضافة لتجنب الاعتماد على البرامج السياحية المشتركة.
أما رسول الحمادين، الذي يعمل في أحد محال بيع العصائر والمرطبات، فحاله ليس بعيدا عن النوافلة، فهو الآخر يعاني من تراجع حاد بالمبيعات تجاوز نسبة 90 % جراء غياب السياح الأجانب.
ويؤكد الحمادين ضرورة تكثيف حملات التسويق والترويج للبترا وتنويع الأسواق بالإضافة إلى التركيز على زيادة رحلات الطيران منخفض التكاليف إلى المملكة على أمل أن يسهم ذلك في إعادة الألق للنشاط السياحي داخل المدينة.
ويصف أحد منظمي الحفلات الفلكلورية، بما يعرف بـ"بترا نايت" محمد محمود، الواقع السياحي بالمدينة الوردية "بالكارثي"، قائلا: "لم نشهد هذا السوء وغياب السياح الأجانب إلا خلال فترة جائحة كورونا وهذا كان حال جميع الدول في ذلك الوقت".
ويوضح محمود، الذي يعمل في هذا المجال منذ عدة سنوات طويلة، أن الإقبال على الفعاليات التي ينظمها 3 أيام بالأسبوع أمام الخزنة تراجع بنسبة 90 % مقارنة بما قبل شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.
ويقول "كنا ننظم حفلات يحضرها ما لا يقل عن 1000 سائح بالحفلة الواحدة، 90 % منهم أجانب والآن لا يتجاوز عدد الحضور 150 شخصا من ضمنهم زوار البترا من المحافظات".
ويشدد على ضرورة إطلاق برامج دعم للمنشآت العاملة بالقطاع السياحي والتجاري والخدمات التي تضررت بشكل كبير بالإضافة إلى دعم وزيادة مخصصات سلطة إقليم البترا من أجل تمكينها وزيادة قدرتها على استقطاب السياح ومواصلة تطوير المدينة.
بدوره، يصف أحد العاملين بفنادق البترا أحمد سالم حال البترا بـ"الحزين والصعب" في ظل وجود شلل شبه كامل بالحركة السياحية.
ويقول إن النزلاء كانوا يملأون الغرف والآن أكثر من 80 % من هذه الغرف فارغة ولا تجد من يسكنها من السياح. مشيرا إلى أهمية تكثيف الجهودة لاستعادة الزخم السياحي بالمدينة من خلال التعاون مع شركات طيران عالمية لزيادة عدد الرحلات إلى الأردن وتقديم خصومات على تذاكر الطيران تشمل زيارة البترا بالإضافة إلى التعاون مع شخصيات مؤثرة عالميا على وسائل التواصل الاجتماعي لنقل رسالة مفادها أن الأردن وجهة آمنة وساحرة.
من جهته، يقول رئيس مجلس المفوضين في سلطة إقليم البترا السياحي الدكتور فارس البريزات إن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة بفعل العدوان الذي يشنّه الكيان الصهيوني على عدة دول بالمنطقة أثرت بشكل كبير على السياحة في المملكة، ما تسبب في خسارة البترا 75 % من الزوار الأجانب مقارنة بالعام الماضي. ويضيف إن تداعيات الحرب على غزة انعكست بشكل كبير على المنشآت السياحية والتشغيل ومزودي الخدمات سواء كانت الفنادق والمطاعم أو محال بيع التحف وغيرها من القطاعات الأخرى نتيجة ضعف السياحة الأجنبية.
ويشير إلى أن مدينة البترا كانت تستقبل قبل شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي قرابة 4 آلاف سائح يوميا والآن لا يتجاوز العدد 300 سائح أجنبي يوميا.
ويؤكد البريزات أن السلطة تسعى جاهدة للعمل على ترويج المدينة الوردية كوجهة آمنة للسياحة بالمحافل الدولية المتخصصة وعبر سفارات المملكة في مختلف دول العالم بالإضافة لتشجيع عقد سياحة المؤتمرات والسياحة الداخلية للوقوف مع المنشآت العاملة بالقطاع.
وبحسب أرقام رسمية، شهدت مدينة البترا إغلاق 35 منشأة فندقة تضم قرابة 1643 غرفة فندقية من أصل 77 منشأة تضم 3700 غرفة فندقية فما تم تسريح قرابة 371 موظفا بسبب تراجع الحركة السياحية جراء العداون الإسرائيلي على قطاع غزة شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.