تُغمض إسرائيل عينها بشكل كامل عن القوانين الدولية، ولا تضع لها أي أهمية أو مراعاة، مصرّة على خرقها بشكل لا يتوقف، وبشكل فاضح، لا تعير أي انتباه للقوانين ولا للشرعية الدولية، ولا للآراء العربية والدولية، لترتكب أبشع جرائم الحرب في غزة، وفي اعتداءاتها التي لا تتوقف في الضفة الغربية وكذلك في القدس المحتلة، ليس هذا فحسب، إنما تمضي بنهجها الإجرامي لتصل لبنان، واليوم إلى الجولان المحتل.
ما تقوم به إسرائيل من تجاوزات وانتهاكات قانونية، مقلق وخطير، لا سيما أنها لم تعد تكتفي بجزء معين في المنطقة، إنما تصرّ على جعلها منطقة غير آمنة وغير مستقرة، وتقع على فوّهة بركان حروب ودمار واضطرابات تشعل فتيلها بين الحين والآخر، وكلما انبثق نور تفاؤل بغد أفضل ولو كان هذا النور مرتجفا، إذ تسعى بكل ما أوتيت من إجرام لارتكاب مزيد من الجرائم، والانتهاكات والاعتداءات وتدير ظهرها للقوانين الدولية، ولقرارات مجلس الأمن.
مؤخرا، وبشكل عمليا خطير، بدأت إسرائيل بتوجيه نظرها لجهة سوريا الشقيقة، وصادقت حكومة الاحتلال على خطة لتوسيع الاستيطان في الجولان المحتل، دون الأخذ بأي اعتبار قانوني، ماضية في ترسيخ الاحتلال، ومدّ أذرعه ليخنق المنطقة والإقليم، ويقطع شريان الحياة للحرية والسلام، لتكون إسرائيل اليوم في سوريا محتلا ومدّ يد الاحتلال بشكل أكثر سعة، وأشد خطورة، متناسية أن هضبة الجولان أرض عربية سورية محتلة يجب إنهاء احتلالها وليس العكس، بمزيد من الخطى الاحتلالية.
بالأمس، وبصوت مرتفع وموقف ثابت وعلني، دان الأردن مصادقة الحكومة الإسرائيلية على خطة لتوسيع الاستيطان في الجولان المحتل ترسيخا للاحتلال وخرقا فاضحا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بتأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ليكون من أوائل المواقف التي تجاهر بهذا الموقف، وهذا الرفض الذي يجب الأخذ به على محمل التطبيق، فما تقوم به إسرائيل لا يقف عند حدّ الرفض والانتهاكات، إنما يرقى حدّ الجرائم التي لا تتوقف، بل تزداد خطورة.
الأردن شدد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة، بالتالي وفقا للموقف الأردني يجب إنهاء احتلالها، وأن جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف خلق وقائع جديدة على الأرض تتطلب موقفا دوليا واضحا يدينها ويفرض على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الالتزام بقواعد القانون الدولي، هي حقيقة على العالم إدراكها وإجبار إسرائيل الالتزام بها، فالجولان يجب إنهاء احتلاله، وليس فرض وقائع احتلالية جديدة، تؤشّر بشكل واضح على حقيقة واحدة بأن إسرائيل تصر على بقاء الاحتلال وترسيخه وحسمه لصالحها، بعيدا عن أي مؤشرات بضرورة إنهائه، وفي ذلك خطورة على العالم التنبه لها والضغط على إسرائيل أن تتوقف عن كل ما تقوم به من إجراءات أحادية تضع المنطقة والعالم وسط واقع خطير وأحداث تزيد من تعقيد المشهد وتأخير الحلول وحتى الآمال.
إسرائيل في الجولان، حقيقة خطيرة على العالم أن يتنبه لخطورتها، وعليه أن يأخذ بما شدد عليه الأردن أمس على محمل التنفيذ الفوري، فهنا في التأخير ندامة، وليس في العجلة، فيما يحدث في العجلة الإجراء الصحيح، والحل العملي، وترك إسرائيل في تطبيق سياساتها الاحتلالية خطر يهدد المنطقة والعالم، ما يحدث يتطلب موقفا دوليا واضحا يدينها ويفرض على إسرائيل الالتزام بقواعد القانون الدولي، لأن استمرارية سياساتها تقود لواقع يفوق الخطر.