مهما كانت نوعية الجهود المبذولة في الإصلاح المالي فإنه لا يمكن تحقيق كفاءة في إدارة الموارد المالية للدولة دون توحيد الأنظمة والإجراءات المتعلقة بالإيرادات، لذلك فإن إنشاء دائرة شؤون الإيرادات المحلية يعد ركيزة أساسية للإصلاح الاقتصادي والمالي.
ولعل أحيانا تشتت المسؤوليات بين دوائر كالضريبة والجمارك والأراضي لا تؤدي فقط إلى إهدار الوقت والجهد، بل تفتح المجال أمام التفاوت في معاملة المكلفين، مما يقوض ثقة المواطنين، ويضعف كفاءة الدولة في تحصيل الإيرادات، وهنا يمكن الهدف من لذلك إنشاء دائرة موحدة للإيرادات المحلية حيث يمثل ذلك خطوة ضرورية لتحسين الأداء الإداري، وتعزيز العدالة الضريبية، وزيادة شفافية التعامل مع المكلفين، مع تحقيق أقصى استفادة من موارد الدولة. إحدى أبرز فوائد هذه الخطوة يتمثل في دمج البيانات المتعلقة بالمستوردات، والرسوم الجمركية، والمبيعات والمشتريات الخاصة بالشركات، وهذا الدمج يرفع من دقة احتساب الضرائب والرسوم الجمركية، مما يحقق عدالة مالية للمكلفين من جهة ويزيد من إيرادات الدولة من جهة أخرى، كما أن التوحيد يساعد على توحيد إجراءات التدقيق والتفتيش الضريبي والجمركي، وهو ما يسهل التعامل مع الجهات الحكومية ويقلل التعقيدات التي تواجه القطاعات الاقتصادية المختلفة عند إنجاز معاملاتها. إلى جانب ذلك، فإن توحيد الجهات المعنية بالإيرادات يساهم في تسريع إنجاز المعاملات الضريبية والجمركية، فعندما تكون جميع الإجراءات والبيانات تحت مظلة واحدة، لن تكون هناك حاجة إلى تبادل المخاطبات بين دوائر متعددة، مما يوفر وقتًا وجهدًا لكل من المكلفين والموظفين الحكوميين، وهذا التبسيط في الإجراءات يُمكّن المكلفين من إبراء ذممهم المالية بسهولة أكبر، ويُحسن مناخ الأعمال، ويشجع على الامتثال للقوانين الضريبية دون اللجوء إلى الالتفاف عليها. علاوة على ذلك، يتماشى إنشاء دائرة موحدة مع المعايير الدولية الحديثة التي تدعو إلى استخدام البيانات وتحليلها بشكل تكاملي لتسهيل العمل الجمركي والضريبي، وهذه الممارسات الدولية أثبتت فعاليتها في تقليل الأعباء الإدارية على المكلفين، مع تعزيز القدرة الرقابية للدولة، فالأمر لا يتعلق فقط بالكفاءة، بل أيضًا بتحقيق العدالة والشفافية التي تضمن معاملة جميع المكلفين وفق أسس موحدة. في المحصلة، يمثل توحيد الإيرادات المحلية خطوة إستراتيجية تجمع بين تحسين الأداء الإداري، تعزيز العدالة الضريبية، والحد من الفساد، مما يعزز من قدرة الدولة على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وضمان استدامة مواردها المالية لخدمة مواطنيها بأفضل صورة.