ثلاث مجازر إسرائيلية خلال الـ(24) ساعة الماضية، راح ضحيتها 23 شهيدا، و39 إصابة، هي في ساعات يوم واحد، وليست حصيلة لحرب كاملة، أو لحادث معين، هم شهداء غزة في يوم واحد، وما يزال الصمت يسيطر على المشهد، وما يزال العالم يدير ظهره للأهل في غزة دون الأخذ بكل ما تشهده هذه المدينة بل هذه البقعة على الأرض، كونها لم تعد مدينة، ولم تعد مكانا مؤهلا للعيش، الأخذ به على محمل الاهتمام.
الحرب على الأهل في غزة، مضى عليها (446) يوما، وفيما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، فقد بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,361 شهيدا و107,803 إصابات منذ السابع من تشرين الأول 2023، ورغم الحديث أن شهداء غزة ليسوا أرقاما، وأن غزة لن تنسى، وأننا لن نعتاد، إلاّ أن الحقيقة وواقع الحال عكس ذلك تماما، وما هذه العبارات سوى شعارات رفعها العالم كما ضمادات الجروح لتخفيف الألم أو ترحيله، أو تغطيته لنسيانه، فالحقيقة تقول إن غزة باتت أرقاما، وشهداؤها تزداد أعدادهم إن لم يكن نتيجة القصف الإسرائيلي يقتلهم الجوع أو المرض أو الإصابات التي لم تتعالج، وأرض غزة باتت مقبرة واسعة فوق وتحت ترابها، غزة تدمّر، وشعبها يُباد دون أن يرمش للعالم جفنا!.
عدد شهداء هو الأعلى تاريخيا في بقعة جغرافية صغيرة، استخدمت على قاطنيها أكثر أنواع الأسلحة خطورة وفتكا، بدعم من بعض الدول بكل وضوح وعلانية، حجم دمار لكل شيء لم تشهد له البشرية مثالا في حروب بشرية، ولا في كوارث طبيعية، مدينة بات لونها السائد رماديا، فهو ما تخلفه هذه الحرب المدمّرة، رمادا ووجعا، يقابله صمت لا يحرّك ساكنه شيئا لا دمار ولا مجازر تقوم بها إسرائيل على مدار الثانية في غزة.
ولم تقف هذه المجازر على غزة وحدها، فقد تجاوز الاحتلال ذلك للتحريض على «الأونروا» الجهة الإنسانية والإغاثية الوحيدة على مستوى دولي لعون وإغاثية الغزيين، وبتنا نسمع يوميا دولة أو أكثر توقف تمويلها للأونروا، في سعي بات واضحا لتصفيتها، لتزيد من جرائمها على أهل غزة، والأشقاء الفلسطينيين، وتجعل من واقع الحال على الأراضي المحتلة غير قابل للحياة، وخسائر غزة كثيرة وكبيرة، فقد خسرت غزة كل شيء «بسخاء»!.
ووسط تفاصيل هذا الوقت «المهدد» بكل لحظاته من إسرائيل، لا نسمع صوتا، ولا نرى أي ردة فعل، صمت ومؤامرات، ودعم لإسرائيل، وانسحابات من تمويل الأونروا، لتبقى غزة وحيدة تصارع الاحتلال بما تبقى عند شعبها من أنفاس بسيطة، يدعمه ويقف بجواره عملا لا قولا الأردن بمبادرات تأتي بتوجيهات ملكية سامية تعزز من صمودهم، وتبقيهم على قيد الأمل، في سعي أردني حقيقي لتلمّس احتياجات الأهل في غزة وتوفيرها لهم بشكل عملي وبسواعد النشامى من الأردن، في سعي حقيقي للوقوف مع الأهل في غزة، ونُصرتهم والتخفيف عنهم، ليبقى الأردن الثابت على مواقفه تجاه الأهل في غزة، دعما وسندا وعونا وإغاثة، علاوة على مواقفه السياسية والدبلوماسية.