إن الخطر المحدق شكله تنامي النفوذ التركي في المنطقة بعد أن تمكنت عصابات داعش والنصرة من السيطرة على سوريا بمساعدة التركي اردوغان بعد تنحي الدكتور بشار الأسد عن الحكم في البلاد.
لذلك نجدد الدعوة إلى مواجهة هذا النفوذ من خلال التعاون مع الولايات الأميريكية عبر تفعيل خطة تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والإقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية يستثنى منها تركيا وإسرائيل.
إن تركيا وقطر "تحاولان تشكيل نظام إقليمي جديد، ومنطقة قيادة ونفوذ لمحور عصابات داعش والنصرة المتطرفة، الذي يحل فعليا محل محور
المقاومة الشيعي الذي إنهار بإخراج سوريا من المعادلة".
يعد الوجود التركي في سوريا داعما مباشرا لإسرائيل، يتعلق بقدرة تركيا على تجميع وتحريك قواتها العسكرية عبر الأراضي السورية، بما يؤمن حدود إسرائيل سواء على مستوى الهجوم المباشر أو من خلال تمويل جماعات مسلحة موالية لإسرائيل.
في نفوذها الإقتصادي.
تعتزم تركيا بدء مفاوضات مع سوريا حول تحديد الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وهو إتفاق يسمح لتركيا بزيادة منطقة نفوذهما والإستيلاء على كميات هائلة من الغاز، وذلك بسبب نتائج البحث التي أفضت عن عدم وجود أي مصادر للطاقة في المياه التركية، فضلا عن التعاون مع سوريا في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الموانئ.
بإتفاق مماثل وقعته تركيا مع ليبيا عام 2019 تم فيه ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مما سمح لسفن الأبحاث التركية بالتنقيب عن الغاز برفقة السفن العسكرية، حيث قدمت أنقرة في المقابل مساعدات عسكرية (أسلحة وطائرات بدون طيار ومستشارين عسكريين وقوات عسكرية).
وربما الأهم من ذلك، أن من المرجح جدا أن تشمل خطط الرئيس التركي أردوغان أيضا إحياء الحلم التركي وتحويل تركيا إلى مركز لتسويق الغاز إلى أوروبا، حيث سيمر خط أنابيب الغاز من قطر، عبر أراضي البر الرئيسي السوري إلى تركيا، وصولا إلى ألمانيا التي وقّعت بالفعل اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر".
يجدر بنا الإنتباه إلى أن هذا الطريق قد يكون منافسا لرؤية الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب ضمن صفقة القرن، والتي تتضمن تصورا لطريق بري جديد سيتم إنشاؤه من الشرق عبر الإمارات و السعودية، والذي من المفترض أن يمر عبر إسرائيل ومن هناك إلى أوروبا.
وفي مواجهة التحديات التي يمثلها الوجود التركي في سوريا. فإنه أمام تل أبيب عدة سيناريوهات، "السيناريو الأول الذي قد تطرحه إسرائيل هو معارضة الحكومة السورية الجديدة، وإعتبارها "ذئبا في ثياب حمل"، بمعنى أن الإدارة التي ستحل مكان الأسد قد تكون خاضعة لنفوذ تركي قوي، مما يعرّض إسرائيل لخطر وجود محور تركي إسلامي متطرف يقوده أردوغان، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد طويل الأمد على حدودها، سواء عبر البحر أو البر أو الجو".
وهناك خيار آخر قد يفكر فيه صانعو القرار في إسرائيل، وهو الإعتراف بالحكومة السورية الجديدة في محاولة للتأثير على صورة سوريا المستقبلية وضمان عدم هيمنة تركيا بشكل مطلق على المنطقة.
ويهدف "هذا السيناريو إلى إبطاء مساعي أردوغان في إقامة "أردوغانستان" إستراتيجي على حدود إسرائيل، ولكن هذا الخيار يحمل أيضا مخاطر كبيرة بما يخص الأمن الإقليمي".
أما البديل هو إستخدام "المدنية" كأداة للتأثير، وهي فكرة تتجاوز التوجهات العسكرية البحتة إلى لعب دور محوري في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، بالشراكة مع الولايات المتحدة ودول اتفاقيات أبراهام، مستفيدة من التمويل الإقتصادي والدعم السياسي في هذه المرحلة الحرجة.
إن الولايات المتحدة قد تكون شريكا فعالا في هذه المبادرة عبر تفعيل "خطة مارشال" تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والإقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية. وهو ما يمكن إسرائيل من التأثير في عملية تشكيل سوريا الجديدة بما يخدم مصالحها على المدى الطويل".
"لأن إعادة الإعمار في هذا السياق ليست فقط مشروعا إقتصاديا، بل أداة إستراتيجية قد تعزز من النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، مما يقلل من أهمية التدخلات العسكرية التركية".
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي