هناك شيء مهم يجب على الطالب ان يأخذه معه الى المدرسة وهو (السندويشة) وانا جئت لعمان مبكراً، وكان عليّ ان افعل ما يفعله الطلبة هنا.. كان عليّ ان آخذ (سندويشتي) معي.
اتذكر اول يوم ذهبت فيه الى مدرسة (الامام علي بن ابي طالب) في ابو نصير.. واخذت معي (زر بندورة) ورغيف خبز، وحين جاء وقت (الفرصة) تبين لي ان المسألة مختلفة عن (الكرك) تماماً.. فمرتب الصف السادس (ب) لديهم سندويشات متطورة (سنيورة، جبنة) وهناك طالب (مربرب) كان يحمل (همبرغر) يبدو ان العقلية (الرعوية) سيطرت عليّ لهذا ظننت انه لا يوجد اختلاف بين حياة الرعيان والطلبة.
كان مشهدي في الساحة يثير السخرية رغيف خبز وبندورة بالمقابل بقية الطلبة لديهم سندويشات ملفوفة (بالقصدير) بعناية فائقة.. ولها رائحة تشجّع على الأكل.
فكرت كثيراً.. وفي اليوم التالي قررت ان اترك العقلية الرعوية واخذت سندويشة (سمن بلدي) فكان من رائحتها ان طغت وانتشرت في اروقة الصف للعلم كانت المادة الاساسية هي (خبز شراك) مع سمن بلدي.. ظننت للحظة انني طورت عقليتي من رعوية الى عمانيّة.. ولكن هذا اثار استياء اقراني فهم لا يعرفون رائحة السمن البلدي للآن.
في الاسبوع الثاني.. واجهت الموقف بحزم وصرت احضر سندويشات متطورة قليلاً.. ولكن ظل حنيني لزر البندورة ورغيف الخبز قائماً، فالبندورة تحقق لي امتلاء اكبر للمعدة، ولكن لا بد من ان اتجاوز تعليقات الطلبة واستيائهم من رائحة السمن البلدي.
حين اتذكر تلك الأيام اضحك واحزن.. اضحك على ان العقلية الرعوية تسيطر علينا بحكم انها التنشئة الاولى لنا وما زالت مستقرة في ذهني فأنا كلما اشتريت بندورة وخبز للمنزل يقودني شغف غريب للالتهام فأبدأ بمسح البندورة (وفغمها) مع الخبز.. واحزن لأمر هو انني حين كنت اخرج رغيف الخبز من (حقيبتي) يكون (ناشفاً) فأبدأ بطحنه بين اسناني.. وهذا ادى الى تكسير جزء من (طواحيني).
انا لا يوجد مشكلة لديّ في تلك الظروف الاقتصادية بأن اعود للزمن (الرعوي) فأنا ما زلت اعيشه ولكن هم هل يستطيعون العودة (لزر) البندورة؟!.
hadimajali@hotmail.com