قبل دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض، بدأ الرئيس العائد دونالد يعزف على سيمفونية وحدة قارة أمريكا الشمالية، وهى سمفونية تتوق للامريكان وإن كانت توسعية غير قانونية كما تروق بمضمونها للشكل العام لصاحب العظمة العائد الذي يجاز له مالا يجاز لغيره، كيف لا وهو صاحب لحن الخلود الذي اقتبس عنه بتهوفن أشهرها "من أجل اليزه" وأخذ يلحنها دونالد ترامب فى برنامجه السياسي التوسعي لأمريكا، الذي يريد عبره من توسيع جغرافية للولايات المتحدة وذلك بضم كندا من الشمال وغرينلاند من الغرب والسيطرة على قناه بنما من الجنوب وتحويل خليج المكسيك إلى خليج أمريكا.
وهو البرنامج الذى يريد تنفيذه باستخدام استراتيجية الاستحواذ المكاني بجبروت القوة الاقتصادية، وليس عبر الة الحرب العسكرية كما يفعل بذلك عبر اسرائيل بالشرق الأوسط، وهذا ما يعني أن أجندة دونالد ترامب الرئاسيه ستعمل وفق مضمون توسعي لاعلان إمبراطورية ولن تقوم على برنامج تشاركي بطابع مركزي كما كانت عليه تقف السياسة الأمريكية بالسابق فى عهد الرئيس جو بايدن، وهو ما يجعلها تقوم على معادلة "الحماية مقابل المنفعة أو الضم مقابل التنمية" حتى يستقيم حال البرنامج التوسعي لأمريكا القادم.
اذن امريكا تدخل العالم الغربي في برنامج جديد يقوم على أجندة "الضم أسلم من الجزية الاقتصادية"، بينما يقوم برنامج ترامب الطيباوي على المنفعة مقابل الحماية تجاه الاتحاد الأوروبي وهي المعادلة التي ستفرض على الناتو أيضا تقديم الجزية من اجل بقاء الحمايه، وهو ذات الامر الذي يعني بالمحصلة الضمنية خروج أمريكا على منظومة دول المركز ومن المرجعية البروتستانتينية حيث عقده البيان، وقيامها بالهيمنة على الناتو لفرض سياساتها بالتحكم والاحتكام، وهو ذات البيان الذى راح يترجمه وزيرة ايلون ماسك عبر اصطدامه فى بريطانيا من أجل تحويل امريكا الى إمبراطورية مهيمنة.
وحتى نضع الأمور في نصابها دون مواربة لغاية بيان الحال، فإن مشروع الإمبراطورية الأمريكية وهو مشروع حقيقي وليس مجس سياسي أو فقاعة اعلامية كما تصفه بعض الوكالات الاخبارية كونه يقوم على برنامج توسعي يجب أن يؤخذ بعين الجدية من قبل الجميع، سيما وان الرئيس المنتخب يريد من ورائه تعديل الدستور عبر تغيير منظومة عمق الدولة الأمريكية كما المركزية منها و الأممية، وهذا ما يشرعن للرئيس العائد للبيت الأبيض مسألة تنفيذ برنامجه بهدف استمراره بالحكم ضمن مشروع يحمل عنوان الإمبراطورية الأمريكية، سيما وأنه يسيطر بطريقة مطلقة على الكابيتول بشقيه فى غرفة السنت والكونجرس كما على بيت القرار في المحكمة الدستورية، كما يعتزم إجراء تغييرات عميقة في البولدزبيرغ حيث الشق الأمني والعسكري في معادلة بيت القرار الأمريكي، كما يستهدف بصورة متواليه من تغيير العقدة النقدية التي تقوم عليها مرجعيات الشركات النقدية من خلال مشروع اتحاد الكريبتو الذي يقف عليه برنامج وزيرة ايلون ماسك، وهي جملة الدوافع فى ميزان المعطيات التي تجعل من برنامج دونالد ترامب مشروع قيام إمبراطورية أمريكا العظمى.
وباعلان كاميلا هاريس من الكابيتول فوز دونالد ترامب دستوريا، تكون تحضيرات انعقاد بروتوكول القسم قد بدأت تأخذ الحيز الأهم فى واشنطن، ويستعد الجميع للاحتفال الذى سيقام يوم العشرين من الشهر الجارى، وهذا ما يعني أن الرئيس العائد للبيت الأبيض سيبدأ بترجمة أقواله لأفعال على صعيد توسيع جغرافية الولايات المتحدة كما على مستوى إعادة هيكلة بيت القرار الأمريكي كما الأممي، وهو ما يسقط سؤال عريض حول مصير الأمم المتحدة بعناوينها الأربعة "المجلس والجمعية والصندوق والبنك"، كما على علاقة إمبراطورية أمريكا مع الدول النامية من مسألة خضوع مجتمعاتها لبرنامج الحماية والجزية الذي سيحملة البيت الابيض بالحله الترمبية.
يحدث هذا بينما مازال الشرق الأوسط يغرق بتفاصيل الهدم لاعادة البناء، ويبنى على مربعات متحركة وليست صلبة، وهو غير قادر بالمحصلة على بناء دروع واقية لانها تنقصها الوحدة التى يمكنها من تكوين جملة الردع المركزية لاحداث الفارق بما يجعلها قادرة للتصدي للمعطيات الجارفة من ناتج عودة ترامب ... فهل يلتقط الشرق الاوسط ناتج هذه الخلاصة ويقوم بمبادرة تحمل صيغة بيان يؤكد عبرها على ضرورة وقف مناخات التصعيد التى لا تخدم احد من عناوينها، ويقوم الجميع ببناء درع واقي يحفظ السلم الإقليمي لمجتمعاتها سيما وان امريكا ستكون مشغولة فى النصف الأول من حكم الرئيس العائد بمسائل ذاتية واخرى مركزية بينها وبين شركائها فى الحكم الاممي في ظل سرعة الدفع بمشروع ترامب الجديد الذى تحمل اسقاطاته عناوين ثقيلة من ناتج ظلال مشروع إمبراطورية أمريكا.
صحيح أن مصر تستضيف اجتماع لمجموعة D8 قبل يوم من تنصيب دونالد ترامب بمشاركة تركيا وإيران بالإضافة لاندونيسيا وماليزيا ونيجيريا وبنغلاديش وباكستان، وهو الاجتماع الذى يعقد على مستوى رؤساء الدول لبحث عناوين جديد للمنطقة بعدما تم تغيير نظام الحكم في سوريا، لكن ما هو صحيح ايضا ان الاردن يمتلك مفاتيح السلم الإقليمي ببيان مركز الناتو إضافة لشراكته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة مهما تغيرت ألوان البيت الأبيض، وهو ما يجعله يشكل بوابة الحل الفلسطيني ومدخل السلم السورى كما تمتلك قيادته تأثيرا كبير على بيت القرار الدولي في بروكسل كما في واشنطن ووست منسر حيث علامة التاج البريطاني.
وهذا ما جعل الأردن دائما يشكل مرتكز أساس في بيان مضمون اي مبادرة او عند صياغة اية عبارة يراد تنفيذها أو يراد احقاقها عبر جملة تنفيذية يعمد لترسيمها على الصعيد الإقليمي كما على المستوى الدولي، الأمر الذي يجعل الأردن يرسم لوحة سياسية عميقة المحتوى يقظة العنوان ويقف على فواصل ما تتضمنه المشاريع الجيوسياسية التوسعية من حوله في حال رفعت الحماية عن الأنظمة وتم تعديل نظام الضوابط والموازين فى مشهد المنطقة، وأخذ الجميع ينشد انشوده التوسع الجغرافي أسوة بالبيت الأبيض الذى ينوي رفع الحماية عن الأنظمة سيما وان الاردن حصين بالمنعة الذاتية وهو عصي على الاختراق نتيجة التفاف الجميع حول رايته ومنهجية رسالته، وهو ما يجعله دائما يشكل جملة المبتدأ وعنوان الخبر ويرسم صوره المحتوى الذي يمكن الاتكاء عليه في إعراب آية عبارة قادمة إقليمية كانت أو أمريكية.