يشهد المجتمع الأردني انتشار ظاهرة استغلال المواطنين الباحثين
عن فرص عمل أو خبرة، حيث تُقدَّم خدماتهم دون تقديم أي مقابل مادي أو معنوي. في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يبدو أن بعض الشركات الأردنية تستغل حاجة المواطنين بشكل يتعارض مع العدالة الاجتماعية والمبادئ القانونية، مما يشكل انتهاكًا واضحًا للحقوق الأساسية المكفولة بموجب التشريعات الوطنية والدولية.
الإطار القانوني لعقود التدريب
يخضع تنظيم العلاقة بين الشركات والمتدربين لقانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته. يحدد القانون الشروط التي يجب توفرها لضمان حقوق المتدرب، ومن أبرزها:
1. عقود التدريب والتعلم
تنص المادة (36) على ضرورة وجود عقد مكتوب يحدد واجبات وحقوق الطرفين، بما يشمل فترة التدريب، طبيعة العمل، والمكافآت المستحقة.
وتنص المادة (37) على وجوب تحديد أجور المتدرب لكل مرحلة تدريبية، بحيث لا تقل عن الحد الأدنى للأجور عند الوصول إلى المرحلة النهائية.
2. العمل غير المأجور
يحظر قانون العمل الأردني تشغيل أي شخص دون مقابل مادي يضمن له حياة كريمة، إلا إذا كان العمل جزءًا من برنامج تدريبي يهدف إلى تطوير مهاراته بشكل واضح.
3. الحد من الاستغلال
ينص الدستور الأردني في المادة (23) على حماية العمل والعاملين من أي استغلال. يشمل ذلك ضمان تعويض مناسب لكل من يقدم خدمات أو أعمال للشركات.
4. الرقابة والانفاذ
تتولى وزارة العمل مسؤولية مراقبة الشركات وضمان التزامها بالقوانين.
يتم ذلك عبر تفتيش دوري وتلقي شكاوى الأفراد المتضررين.
رغم وجود تشريعات واضحة، إلا أن بعض الشركات تتجاوزها بطرق مختلفة، مثل تشغيل متدربين لفترات طويلة دون أجر أو تقديم عقود تدريب صورية. هذه الممارسات تقوض ثقة المواطنين في سوق العمل وتثبط رغبتهم في تطوير مهاراتهم.
ويجب فرض عقوبات صارمة على الشركات التي تستغل المواطنين دون تقديم مقابل عادل، بما يشمل غرامات مالية كبيرة وتعليق تصاريحها التشغيلية، وربما الملاحقة القضائية عند تكرار الانتهاكات، لضمان تحقيق العدالة وتعزيز ثقة المواطنين في سوق العمل.
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يجب على الشركات الالتزام بالقوانين التي تنظم علاقة العمل والتدريب، لضمان بيئة عمل عادلة ومستدامة. كما يتعين على الجهات الرقابية تعزيز دورها لحماية حقوق المواطنين، وتشجيع ثقافة الاحترام المتبادل بين العاملين وأصحاب العمل، مما يسهم في تعزيز العدالة والتنمية الاقتصادية.