شوربة عدس
*محمود الشمايله
طقوس تكاد تكون شبه يومية ، ما أن أغادر المدرسة الثانوية في منطقة المرج سيرا على الإقدام متسلقا الجبل من أسفل جسر الكرك صعودا إلى حي الثلاجة المقابل للقلعة من الجهة الجنوبية ، التعب والجوع والصداع في كثير من الأحيان عدا عن برودة الطقس ينهك جسدي الضئيل ، حتى تقابلني شوربة العدس التي يمتلئ بها المكان ، أعلن احتجاجي ورفضي الشديد ( تنهرني أمي وهي تقول اسكت يا ولد واحمد ربك الشوربة بدفي قلبك هذا في الشتاء وفي الصيف يتكرر نفس المشهد وتعلن أمي أن (اسكت يا ولد الشوربة بتبرد على قلبك ).
ما بين التبريد و تدفئة القلب تظل شوربة العدس سيدة الحضور على الإطلاق وعلى قلبي أن يحتمل ذلك.
العدس في ثقافتنا هو لحم الفقراء خاصة انه يحتوي على مكونات ذات قيمة غذائية عالية ، وطعمه إلى حد كبير لذيذ ، ولكن ماذا عن العدس في ثقافة مجلس الوزراء الأردني؟.
ليتها محض شوربة عدس ، في الحقيقة هي فته لأن تناول الشوربة على حالها هو ترف خالص ، وكيلوا العدس يجب أن يكفي العائلة كاملة لذلك تحرص أمي على جمع بقايا الخبز الناشف لعدة أيام ومن ثم تجهيز (الثريد) فتة شوربة العدس ، وهذه الفتة يجب أن يرافقها الليمون والزيت والبصل الأخضر ، في أحسن أحوالها ، ولكن أمي أيضا تعتبرها أكلة برجوازية في ظل الظروف الحالية لذلك تعمل على استبدال مكونات الفتة بالبدائل المتاحة من اجل تقليل التكلفة ، فمثلا يتم استبدال الليمون بملح الليمون والبصل الأخضر بالناشف والزيت ليس ضروريا في هذه الحالة (يعني بطر) .
الكثير من الأردنيين لا يشتهون أكل الكافيار ولا حتى المناسف ولا الكبسة ولا اللحوم ولا غيرها
أنا شخصيا اشتهي فتة شوربة العدس بعد أن كبرت عائلتي وأصبحت أعاني الأمرين معلنا أن شوربة العدس التي تصنعها أمي ألذ من قهوة أم محمود درويش .حتى لو كانت بملح الليمون وبدون الزيت وبقايا الخبز والبصل الناشف.
بصراحة شوربة العدس لم تعد سهلة المنال ,
ويا ليتها سبع عجاف .....
اللهم نسألك الرحمة .