في زمن التحديات الاقتصادية المتصاعدة، تظهر الحاجة إلى مشروع وطني يهدف إلى تحويل الأردن إلى نموذج يُحتذى في الإنتاجية والتنمية المستدامة، مستلهِمًا من تجارب الدول التي نهضت بمواردها وقدرات شعبها. مشروع يقوم على استغلال الأراضي المملوكة للدولة، وتوجيهها نحو خلق فرص عمل مستدامة للشباب الأردني في مجالات الزراعة والصناعة والحرف، مع دعم ثقافة الإنتاج عوضًا عن الاستهلاك، ليصبح هذا المشروع جسرًا نحو الاستقلال الاقتصادي.
لا دولة بدون زراعه ولنحذو حذو الهند في مشروعها الزراعي "الثورة الخضراء"، يمكن للأردن أن يستثمر في أراضيه الزراعية من خلال توزيع مساحات مناسبة على خريجي كليات الزراعة. تكون هذه المساحات مخصصة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، والشعير، والزيتون، بهدف تعزيز الأمن الغذائي. يتم تقديم دعم حكومي يشمل البذور، والآليات، والتدريب الفني. هذا النموذج قد أثبت نجاحه في إثيوبيا، حيث ساعد التركيز على الزراعة في تحقيق نمو اقتصادي ملحوظ خلال العقد الأخير.
"زرعوا قلوبَهمُ هنا في الأرضِ حيَّةً
ففاضَ سنبُلُها عطاءً وارتقاءَ"
الصناعة قيمة مضافة
لضمان استمرارية المشروع، يجب تحويل الإنتاج الزراعي إلى صناعات مرتبطة تُضيف قيمة اقتصادية. يمكننا الاستلهام من تجربة تركيا التي أقامت مصانع صغيرة لصناعة زيت الزيتون، والأجبان، ومشتقات الحبوب، مما جعل هذه المنتجات عمادًا لصادراتها. يشارك خريجو الهندسة الميكانيكية في بناء وتشغيل هذه المصانع، مما يخلق فرص عمل جديدة، ويُعزِّز من قدرتنا على التصدير.
ولتعويض العمالة الوافدة تخريج شباب عامل منتج يحترف المهن كما فعلت ألمانيا التي اعتمدت على مراكز التدريب المهني لدعم صناعاتها، يمكننا تأسيس مركز وطني للتدريب المهني في الأردن. هذا المركز يُعنى بتأهيل الشباب في مجالات النجارة، والحدادة، وتركيب الألمنيوم، وغيرها من المهن المرتبطة بالبناء. يتم تمويل هذا المركز بشراكة مع القطاع الخاص، الذي يلتزم بتوظيف خريجيه في مشاريع تطوير البنية التحتية والمساكن.
"هذي يدٌ تعملُ البناءَ بأحرفٍ
من نارِ حِرْفَتِها، ومن ضوءِ البِناءَ"
الأسرة المنتجة هي قاطرة التنمية المجتمعية وان هذه الأسر المنتجة ليست مجرد شعار، بل نموذج عملي لتحويل المنازل إلى مراكز إنتاجية. كما فعلت إندونيسيا في تمكين النساء من خلال تقديم قروض صغيرة لدعم مشاريع منزلية، يمكننا في الأردن دعم الأسر لتصنيع منتجات غذائية أو حرف يدوية، يتم تسويقها محليًا وعالميًا. هذا يحقق دخلًا إضافيًا ويُعزز من ثقافة الاعتماد على الذات.
وان مصدر التمويل ليس صعبا لقد استدانت الحكومة قبل ذلك من موجودات الضمان الاجتماعي ولا نعلم اين ذهبت اموال تلك الاستدانة واليوم مصدر التمويل لهذا المشروع الطموح سيكون استدانة مليار دينار من موجودات الضمان الاجتماعي، ولكن هذه الأموال لن تكون عبئًا، بل استثمارًا مدروسًا بعوائد اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد. يتم توجيه عائدات هذه المشاريع نحو تسديد القروض، مما يجعل المشروع مستدامًا دون التأثير على استقرار الصناديق الاجتماعية.
لنعمل علة احياء برؤية وطنية للأجيال القادمة وان هذا المشروع هو أكثر من مجرد خطة اقتصادية؛ إنه دعوة لخلق ثقافة وطنية جديدة تقوم على الإنتاج والعمل. من خلاله، يمكن للشباب الأردني أن يشعر بالانتماء الحقيقي لأرضه، وأن يكون شريكًا أساسيًا في بناء مستقبل وطنه.
هي أرضُنا، نبني عليها حلمَنا
نبقى بها، ونُزيلُ عنها البُؤسَاءَ"
لنكن جميعًا جزءًا من هذا الحلم الذي يجعل الأردن نموذجًا للنهضة والإنتاجية. فهذا الوطن يحتاج إلى جهودنا وإبداعنا ليبقى شامخًا.
يا وطني الحُرُّ الذي أملي بهِ
يُشرقُ فجرًا نابضًا في طيبِهِ
هذا شبابُك يعملون بلا كرى
زرعوا الحقولَ، فزُينت بمَذهبِهِ
وهنا البناءُ بأيدِهم يشدو بنا
قصصَ النضالِ وعزَّةَ المُكتَسَبِ
والمصنعُ الحيُّ الذي صنعوا به
ما بات فخرًا للأجيالِ الغدِبِ
نهضَتْ أُسَرٌ بالإنتاجِ كُلُّها
لا كُلُّها مستهلِكٌ بالمذهبِ
هي نهضةٌ صنعَتْ من الحلمِ المدى
وطنًا عزيزًا شامخًا في منصِبِهِ
#الكاتب_ماجدالفاعوري