زاد الاردن الاخباري -
لم تنتظر ادارة بايدن وقتا طويلا لقبول استقالة السفيرة الامريكية في عمان يائل لمبرت، اذ لم يحتاج الامر الا تقديم الاستقالة للموافقة عليها مباشرة علما ان السفيرة لم تكمل عامها الثاني كسفيرة اميريكية في العاصمة عمّان بعد ان وصلت اليها في 21 من اب اغسطس في العام 2023.
استقالة السفيرة جاء بعد اقل من 72 ساعة على حفل تولي الرئيس الامريكي دونالد ترمب منصبه الرئاسي ، الذي تخلله التوقيع على امر تنفيذي يعلق فيه تقديم المساعدات لكافة دول بما فيها الاردن، مستثنيا من ذلك المساعدات العسكرية المقدمة لمصر وللكيان الاسرائيلي، علما ان موازنة المساعدات الخارجية الامريكية تقدر في العادة باكثر من 50 مليار دولار في العام تشرف الوكالة الامريكية للتنمية التابعة لوازرة الخارجية على اغلبها، وهي الوزارة التي تولى امرها الوزير اليميني ماركو روبيو.
الاستثناءات التي اعلن عنها وزير الخارجية الامريكي روبيو لم تشمل الاردن، بانتظار ان تخضع للمراجعة من قبل الوزير روبيو بعد ما يقارب 90 يوما ساوة بغيرها من الدول والهيئات الدولية.
في مقابل ذلك أجرى الملك عبدالله الثاني، اول امس الخميس، اتصالا هاتفيا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، بحثا فيه سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية مذكرا بمكانة الاردن وتاثيره الاقليمي ، اذ تناول المللك مع المستشار والتز ابرز الملفات وعلى راسها الاوضاع في الضفة الغربية وسوريا التي تعد اكثر الملفات سخونة في المنطقة التي للاردن تماس معها و دورهم مهم في ادارتها و التعامل مع التحديات المتولدة عنها.
السلوك الامريكي يؤكد بان اميركا تريد ان تعيد التفاوض من جديد دون ان تحدد بوضوح الشروط التي تريد اضافتها في تعاملها مع دول المنطقة، ومن ضمنها الاردن، و بقدرة ادارة ترمب على قراءة المشهد بشكله الصحيح و اعادة ترتيب اوراقها كل 90 يوم ، ما يعني ان ما تبقى من الايام التسعين الاولى ستكون عبارة عن ورشة عمل اقليمي ستتكرر ولكن بشكل روتيني فيما بعد ومستنسخ على الارجح، ما يعني ان الاردن لايستطيع الا ان يكون حاضرا فيها للتاثير في الهندسة الامريكية للمرحلة المقبلة .
هي تسعين يوم حاسمة ستدفع الكثير من الدول الى مراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة في محاولة للتكيف مع مستجدات السباسة الامريكية، وذلك اما بالانفتاح على خيارات دولية جديدة، وهي مؤشر على قدرة تكيف ايجابية عالية لدى بعض الدول ، في حين ستجد الكثير من الدول صعوبة في التكيف لمحدودية خياراتها و قدرتها على التكيف التي ستكون ضمن المتوسط وما دونه ، في حين ستنعدم قدرة دول اخرى على التكيف لتنتقل الى مرحلة التكيف السلبي.
في الحالة الاردنية فان موقع الاردن الجغرافي والتماس المباشر مع الملفات الساخنة في الاقليم يقابلها موارد محدودة تجعل من عملية التكيف دون المتوسط، بيد ان تحسنها مرهون بالزمن لرفع مستوى التكيف الى المستوى المتوسط في ضوء التحديات ولانسدادات الامنية والسياسة التي ستواجهها ادارة ترمب في اليوم التسعين فالعالم ليس شركة يديرها ترمب وموظفيه بالنهاية.
ختاما… قدرة الدول على المناورة ستبقى محدودة لارتباطها برغبة امريكية متواصلة لمراجعة سياستها كل تسعين يوم، ما يجعل الكثير من الدول خصوصا الصديقة والحليفة لاميركا رهينة الامزجة الشخصية لاعضاء الادارة الامريكية وبدرجة يقين محدودة، فاليات التعامل تفتقد الى البعد الاستراتيجي في التفكير، كون ادارة ترمب تتعامل مع العالم بمنطق الشركة ومنطق سلاسل التوريد، وليس بمنطق الدول والمصالح الجيوسياسية، امر تتقبله الشركات والبنوك، ولكن سرعان ما ستتمرد عليه الكثيرمن الدول والكيانات السياسية بل وستتحالف ضده.