في خطوة أثارت استغراب الكثيرين، دعت وزيرة السياحة الأردنية، لينا عناب، الأردنيين لزيارة روما، المدينة التاريخية التي تشتهر بجمالها وآثارها العريقة .
على الرغم من جمال الدعوة، إلا أنها تثير تساؤلات عميقة حول الدور الأساسي لوزارة السياحة في أي بلد، هل من المنطقي أن يشجع مسؤول حكومي المواطنين على زيارة دولة أخرى بدلاً من التركيز على ترويج المواقع السياحية داخل حدود بلده ؟!
الأردن يمتلك ثروة هائلة من المواقع السياحية التي لا تقل أهمية عن روما أو أي وجهة عالمية أخرى، فمن مدينة البتراء الوردية، التي تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع، إلى البحر الميت، أخفض نقطة على سطح الأرض، وصولاً إلى جرش، مدينة الأعمدة الرومانية التي تسرد حكايات الحضارة، كل زاوية من الأردن تحمل قيمة تاريخية وثقافية تجعلها وجهة سياحية تستحق الاهتمام والترويج .
دعوة وزيرة السياحة الأردنيين لزيارة روما، رغم أنها قد تعكس نية حسنة للتبادل الثقافي والانفتاح على العالم، تأتي في وقت تعاني فيه السياحة الداخلية من تحديات كبيرة، فبدلاً من أن تستغل هذه الفرصة لتشجيع المواطنين على استكشاف إرثهم الوطني، وتدعو العالم لزيارة الأردن، يبدو وكأن الرسالة الموجهة إلى الشعب هي أن الخارج أجمل وأهم .
المسؤولية تقع على عاتق كل من يتولى قيادة القطاع السياحي في البلد، لأن ترويج السياحة الداخلية ليس مجرد وسيلة لدعم الاقتصاد، بل هو أيضاً أداة لتعزيز الانتماء الوطني وتعميق فهم المواطنين لتراثهم .
ولو كانت الدعوة تأتي بالتوازي مع حملة قوية للترويج لمواقع الأردن السياحية، لربما كان الأمر أقل استفزازاً
ما يحتاجه الأردن اليوم ليس تشجيع مواطنيه على إنفاق أموالهم في الخارج، بل استقطاب الزوار من الخارج ودعم السياحة المحلية لتكون رافداً أساسياً للاقتصاد الوطني . الأمل معقود على أن تكون هذه الدعوة درساً يدفع نحو تركيز أكبر على الداخل، وإطلاق مبادرات تستهدف إبراز جمال الأردن وتعريف الأردنيين والعالم بما يملكه بلدهم من كنوز لا تقدر بثمن .
ختاماً، لن تنجح أي حملة سياحية إذا لم تبدأ من الداخل، فحب الوطن يبدأ من معرفته وتقدير ما يملكه وعلى المسؤولين أن يتذكروا دائماً أن دورهم الأساسي هو إعلاء قيمة وطنهم أمام العالم، لا العكس .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي