زاد الاردن الاخباري -
جرت في السويد عام 2004 حادثة قتل غامضة راح ضحيتها طفل في الثامنة من عمره يدعى محمد عموري. المجهول قتل أيضا امرأة تبلغ من العمر 56 عاما شهدت عملية قتل الطفل.
محمد عموري خرج من منزله بمدينة لينكوبينغ بالسويد في حوالي الساعة الثامنة من صباح 19 أكتوبر 2004. انطلق في طقس بارد في طريقه المعتاد إلى المدرسة، حين هاجمه مجهول وطعنه بسكين.
كانت تسير في الخلف سيدة تدعى آنا لينا سفينسون، وهي مدرسة لغات أجنبية كانت في طريقها إلى عملها. شاهدت السيدة التي لم تكن تعرف الطفل، الاعتداء العنيف المفاجئ وحاولت التدخل، إلا أن المهاجم تحول إليها وطعنها هي الأخرى.
عدة أشخاص من المارة شاهدوا جريمة القتل المزدوجة. أحدهم اقترب من المرأة محاولا مساعدتها، فأبلغته قبل أن تفقد وعيها أن رجلا يبلغ من العمر حوالي 20 عاما اعتدى عليها.
الشهود أبلغوا الشرطة أن المهاجم بعد أن اعتدى على الطفل والمرأة، سار مبتعدا عن مسرح الجريمة بهدوء، إلا انهم لم يروا وجهه ولم يتعرف أحد عليه.
الشرطة السويدية ذكرت أنها عثرت على قبعة القتل والسكين، أداة الجريمة، ملطخة بالدماء على بعد 100 متر من المكان، مشيرة إلى أن عملية الطعن المزدوجة لم تستغرق أكثر من دقيقتين، وأنها أودت بحياة الاثنين.
على الرغم من وجود بعض المارة في ذلك الصباح، إلا أن الشرطة لم تستطع جمع بيانات كافية للتعرف على الجاني، وزاد من تعقيد الجريمة أن الضحيتين لا تربطهما أي علاقة. الشرطة اعتبرت الاعتداء غريبا لأنه استهدف طفلا وامرأة وقت الصباح وفي شارع مزدحم.
جهود الشرطة لم تتوصل إلى شيء، ولم تسفر تحقيقات متتالية عن كشف ملابسات هذه الجريمة المزدوجة. وبقيت القضية غامضة سنوات طويلة.
لم يكن لدى الشرطة إلا أداة الجريمة والقبعة التي كان يرتديها القاتل المجهول. تمكنت مختبرات الشرطة السويدية من عزل الحمض النووي للرجل، وأظهرت نتائجه أن الفاعل من أصول أوروبية شمالية وأنه أشقر الشعر، ومعتاد على التدخين.
افترضت الشرطة الجنائية السويدية أن الجاني يتراوح عمره بين 20 إلى 23 عاما، ورجحت أن يكون مصابا بمرض عقلي. هذا كل ما كان لدى الشرطة من أدلة شحيحة ما أوصل التحقيقات أكثر من مرة إلى طريق مسدود.
الشرطة السويدية نشرت في عام 2010 رسما مفترضا للجاني، وفي عام 2018 نشرت نسخة ثانية مفترضة لملامح وجهه. الرسمة الثانية اعدت في هولندا بالاستناد إلى مواصفات حمض الرجل النووي، إلا أن كل ذلك لم يعط أي نتائج.
المحقق الرئيس في هذه القضية لم ييأس على الرغم من مرور السنوات، وبقي يحاول حل لغز هذه الجريمة. تحقق هذا الأمر في 9 يونيو 2020 بعد مرور 16 عاما على الجريمة. الجريمة كشفت باستخدام أسلوب جديد يعتمد على تتبع الصبغة الوراثية، أي الحمض النووي للقاتل بمقارنته بالصبغة الوراثية لأقاربه.
في البداية لم يتم العثور على تطابق بين صبغة القاتل المجهول، والصبغات الوراثية المتوفرة، مثلما يحدث أثناء البحث عن بصمات الأصابع للمشتبه بهم، ولذلك جرى اتباع أسلوب آخر يتمثل في محاولة الوصول للشخص المطلوب ليس مباشرة بل عن طريق البحث عن أحماض نووية للأقارب بتتبع "شجرة العائلة".
عالم الوراثة السويدي بيتر سيولوند، ساعد لأول مرة الشرطة السويدية في هذه المهمة، ونجح في الوصول إلى الجاني واسمه دانييل نيكفيست وكان عمره 37 عاما.
النجاح تأتي بعد العثور في قاعدة البيانات العامة على الحمض النووي لابن عم للجاني كان قبض عليه في عام 2007 لارتكابه جريمة بسيطة.
بعد القبض على دانييل نيكفيست، جرت مقارنة حمضه النووي بالحمض النووي للقاتل المفترض، وبلغ التطابق مئة بالمئة. الرجل اعترف بالجريمتين على الفور.
وسائل إعلام سويدية ذكرت أن دانييل نيكفيست استهدف الطفل محمد عموري بسبب عرقه، وأنه كان خطط مسبقا لقتل شخص بدافع معاداة الأجانب. اشترى سكينا حصيصا لهذا الغرض وحين تصادف والتقى بالطفل هاجمه على الفور، في حين ذكر أنه هاجم المرأة بالصدفة.
الجاني كان يبلغ من العمر 21 عاما وقت تنفيذ الجريمة المزدوجة في عام 2004، وكان عاطلا عن العمل ويعيش مع والديه. في الاستجواب، أفاد بأنه خلال 16 الماضية لم يتواصل إلا نادرا مع أي شخص عدا أقاربه، وأن والديه توفيا، وأنه كان يقضى جل وقته في ألعاب الكمبيوتر، ويعيش على أقساط التأمين ضد البطالة.
أدين دانييل نيكفيست في الأول من أكتوبر 2020، وحكم عليه بالعلاج النفسي لأجل غير مسمى، وبغرامة مالية لأسرتي الضحيتين قيمتها 350 ألف كرونة.
جريمة قتل الطفل محمد عموري والمرأة آنا لينا سفينسون، تعد واحدة من أهم الجرائم التي كشفت ملابساتها بواسطة تتبع الحمض النووي في شجرة العائلة، وقد تحولت القصة إلى فيلم سينمائي، ودخلت تاريخ الشرطة الجنائية.