زاد الاردن الاخباري -
في يوم يزدان بالوفاء والعرفان، يحتفي الأردن بـ"يوم الوفاء للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين"، وهو تقليد سنوي يجسد أسمى معاني التقدير والعطاء وهذا اليوم، الذي يصادف في الخامس عشر من شباط من كل عام، ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو تجسيد حي للعلاقة الوثيقة بين القيادة الهاشمية وأبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، الذين أمضوا سنوات خدمتهم في حماية الوطن والدفاع عن مقدراته.
ففي 21 آذار 2012 وجّه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة إلى رئيس الوزراء، لإعلان يوم 15 شباط من كل عام، يومَ وفاءٍ للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين، الذين خدموا في صفوف القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي والأجهزة الأمنية.
التقرير الصحفي الذي أعدته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم يروي قصة يوم الوفاء للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين وهو اليوم الذي يمثل علامة فارقة في تاريخ الأردن والتقرير لا يقتصر على مجرد وصف للاحتفالات، بل يغوص في أعماق هذا اليوم، كاشفًا عن الدعم الملكي السامي والمتواصل لهذه الشريحة المهمة من المجتمع كما يسلط الضوء على المبادرات والبرامج المتنوعة التي تهدف إلى توفير حياة كريمة للمتقاعدين العسكريين، وتكريمًا لجهودهم وتضحياتهم التي بذلوها في سبيل الوطن، والتي ستبقى محفورة في سجلات العز والفخر.
اللواء الركن المتقاعد عدنان أحمد الرقاد مدير عام المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء، قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إنه جاء الاهتمام الملكي الكبير بإخوانه رفاق السلاح من المتقاعدين العسكريين خلال عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حيث قدم لهم كل الدعم والخدمات، وبادرهم الحب والتقدير والكثير من البرامج والمبادرات التي استهدفتهم، وذلك تقديراً وعرفاناً لعطائهم وجهودهم وتضحياتهم الكبيرة التي بذلوها أثناء خدمتهم العسكرية في الدفاع عن حمى الوطن والحفاظ على ممتلكاته وصون مقدراته وحماية منجزاته.
وأكد وقوفه خلف جلالة الملك الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، والداعم للقضية الفلسطينية، مشيدا بتصريحات جلالته خلال لقائه الرئيس الأميركي والتي عبرت عن موقف الدولة بكل حنكة وحكمة، والدفاع عن مصالح الأردن وحمايته من أية تهديدات.
وثمن موقف جلالة الملك الرافض لتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، معربا عن اعتزازه بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية وقطاع غزة.
وأضاف:" لقد أولى جلالته الاهتمام الكبير بالمتقاعدين العسكريين من خلال التوجيهات الملكية السامية المستمرة بالاهتمام بالمؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء وتذليل كافة الصعوبات والتحديات أمامهم، التي أنشئت لتكون المظلة الجامعة لكل المتقاعدين العسكريين، وأن تغطي خدماتها أكبر عدد ممكن من رفاق السلاح وذويهم، في كافة مواقعهم على امتداد الوطن، فكان الإيعاز الملكي بتقديم وتفعيل برامج ومبادرات خاصة لهم وأشهرها برنامج رفاق السلاح عام 2022 التي تضمن العديد من الخدمات والتسهيلات ومجموعة من الحوافز المادية والمعنوية للمتقاعدين العسكريين وبإشراف خاص من سمو ولي العهد ".
وتابع قائلا:" كمحطة من محطات التقدير والاحترام للمتقاعدين العسكريين، فكانت اللقاءات الملكية معهم، ووضعهم بصورة الأحداث دولياً وإقليميا ومحلياً، والاستماع إلى آرائهم وملاحظاتهم وخبراتهم الوطنية، واستذكار أيام الخدمة العسكرية مع رفقاء السلاح الذين يجمعهم الولاء والعشق للقيادة الهاشمية والانتماء للوطن، نتيجة العلاقة المتينة التي تجمع جلالة الملك برفاق السلاح خلال الخدمة في الوحدات والتشكيلات العسكرية وما تحمله من المعاني والدلالات والذكريات والدروس التي تشكل مجتمعة هوية المتقاعدين العسكريين".
وأشار إلى أنه لا يزال جلالته يقدم الدعم الجلي للمتقاعدين العسكريين من خلال التقدير الملكي وعظيم العطاء للاخوة رفاق السلاح بتخصيص الخامس عشر من شباط من كل عام ليكون يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء، يوماً أردنياً خالصاً لهم ليكون وسام عزّ ويخلد إنجازاتهم وعنوانا عريضاً لتحفيزهم على الاستمرار في البناء بمختلف المجالات، إيماناً بأهمية هؤلاء الأبطال وعرفاناً بجميل صنيعهم على ما قدموا من تضحيات في سبيل رفعة وحماية الوطن، واستذكاراً لشهداء الوطن والواجب والمصابين العسكريين الذين سطروا أسمى المعاني الخالدة في صفحات التاريخ.
ولفت إلى أنه قدم جلالة الملك مكرمة ملكية بإنشاء أندية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء في كافة محافظات المملكة، لتكون مراكز وملتقيات لرفقاء السلاح وتقدم الخدمات للعسكريين العاملين والمتقاعدين ولعائلاتهم، لتمثل أهداف هذه النوادي بتقديم خدمات متميزة تعكس مكانة ودور المؤسسات العسكرية والأمنية في خدمة الوطن والحفاظ عليه وبتوفير أماكن للمناسبات العامة والأفراح بأسعار رمزية، وتوفير فرص عمل للمتقاعدين العسكريين، كما تعمل على تعزيز العلاقات الاجتماعية بين العسكريين العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم، حيث هذه تقام النوادي ضمن مشروع المبادرات الملكية التي يُشرف على تنفيذها الديوان الملكي العامر، وهي نادي المتقاعدين العسكريين (المفرق وجرش وعجلون ومعان والكرك والبلقاء والطفيلة) إضافة إلى أندية القوات المسلحة الأردنية في إربد ومادبا.
ونظراً لاهتمام المتواصل برفاق السلاح كانت التوجيهات الملكية واضحة وصريحة بايلائهم جل الاهتمام والرعاية، فدأبت المؤسسة بالتوسع في خدماتها وسعيها لتكون المظلة الشاملة للمتقاعدين العسكريين، وتكون بمثابة البيت الآمن لهم، وقامت بالعديد من المشاريع والخدمات وتطوير إدارتها ورفع كفاءة العاملين بها من خلال استثمار خبرات المتقاعدين التي اكتسبوها خلال خدمتهم العسكرية، بحسب الرقاد.
وبين أنه قامت المؤسسة بتحديث وتطوير موقعها الإلكتروني بهدف تسهيل عملية الوصول للخدمات التي تقدمها لمنتسبيها، تسهيلا على المتقاعدين العسكريين رفاق السلاح، ولسرعة الوصول إلى الخدمات المتوفرة في المؤسسة، وتوفير المعلومات المستجدة عن خدماتها المتنوعة المقدمة لهم، ويتضمن الموقع الإلكتروني خدمات المؤسسة والتي تشمل طلب الانتساب، قروض السيارات، القرض الشخصي، قروض المشاريع الصغيرة، إصدار قسيمة الراتب، كشف الالتزام، إضافة إلى إمكانية تقديم طلب التوظيف والحج والعمرة.
ومن أبرز الخدمات التي تقدمها المؤسسة، توفير فرص العمل المتاحة للمتقاعدين وأبنائهم، ومساعدتهم في مجال التوظيف خارج الأردن والإشراف على النوادي التي أمر جلالة الملك ببنائها في جميع المحافظات، وتسيير رحلات الحج والعمرة والحج المسيحي للمتقاعدين العسكريين، وعلى نفقة المؤسسة، وإطلاق المحفظة الإقراضية للمشاريع الإنتاجية الصغيرة للمتقاعدين العسكريين وفق أسس ومعايير تتعلق بطبيعة ونوعية المشاريع الإنتاجية، وتقديم القروض الشخصية دون فائدة وبسقوف محددة لكل رتبة، كما تقدم خدمة قروض السيارات على نظام المرابحة الإسلامية، كما تم استحداث موقع "دكان" المتقاعدين بهدف تسهيل عملية شراء الأجهزة الكهربائية على نظام الأقساط الميسرة دون الحاجة للحضور إلى المؤسسة أو مكاتبها في المحافظات.
أما النشاطات الاقتصادية والاجتماعية التي تمتاز بها المؤسسة أيضاً المشاريع الزراعية كمزرعة الأبقار في الخالدية ومزرعة المنشية للأسماك في الأغوار لتربية الأسماك والنحل وزراعة الحمضيات، والتي تدار حاليا باتفاقيات إدارة وتشغيل من قبل متقاعدين عسكريين من ذوي الخبرة والكفاءة، وفقا للرقاد.
ومن ناحية ثاني، أشار الرقاد إلى أنه يتبع للمؤسسة مكاتب تجارية في كافة محافظات المملكة، ويبلغ عددها 18 مكتباً، لتؤدي نفس الواجبات والخدمات التي يتم تقديمها في الإدارة العامة، من أجل التخفيف على الأخوة المتقاعدين، كما يتبع للمؤسسة المجمع المهني الذي يقوم على خدمة المتقاعدين العسكريين، وذلك بتصنيع مواد الأخشاب والحديد والألمنيوم، وتلبية احتياجات المتقاعدين من أثاث وأبواب وشبابيك ومطابخ بمختلف الأنواع والأشكال، وذات مواصفات عالية علما أن البيع للمتقاعدين العسكريين يتم بنظام التقسيط الميسر.
وركّز الرقاد، على أنه تتولى المؤسسة، ومن خلال إدارة الأمن والحماية، بحصرية حراسة وحماية جميع الوزارات والدوائر الحكومية والشركات المملوكة للحكومة والعديد من المؤسسات العامة والخاصة في مختلف مناطق المملكة بموجب اتفاقيات سنوية حيث يبلغ عددها 225.
ويبلغ عدد الموظفين حالياَ 10122، فضلا عن مشاريع استثمارية للمؤسسة تقوم بها مثل تكسي المطار، حيث المؤسسة تمتلك المؤسسة 78 سيارة حديثة تعمل في مطار الملكة علياء الدولي، بالإضافة إلى إشرافها على عدد من سيارات الشحن والتخليص، كما تحتضن المؤسسة الجمعيات التعاونية من خلال توفير الدعم المالي لهذه الجمعيات التي يديرها متقاعدون عسكريون، وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وبين في هذا الصدد أن المؤسسة توظّف عددا من الضباط المؤهلين لتدريس مساق العلوم العسكرية بالجامعات الخاصة والبالغ عددها 19 جامعة، إضافة إلى توظيف أعداد كبيرة من المتقاعدين في مختلف المعاهد والمدارس التابعة لها، وفي الجامعات الحكومية وبعض الوزارات والهيئات التابعة للحكومة، حيث يتم التعاقد معهم عن طريق المؤسسة.
وتعقد المؤسسة عددا من الدورات في تكنولوجيا المعلومات واللغة الإنجليزية؛ تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية وبهدف نشر معرفة تكنولوجيا المعلومات كجزء من خطة التنمية الشاملة للتطوير الاقتصادي وللحد من ظاهرتي الفقر والبطالة، ولمحو أمية الحاسوب لدى المتقاعدين العسكريين ومساعدتهم في الحصول على فرص عمل أفضل، وإيماناً في دور المؤسسة في تنمية المجتمع المحلي.
العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان قال: يحمل يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى دلالات ومعان سامية للاحتفال بإنجازاتهم التي قدموها لوطنهم سواء أثناء خدمتهم في القوات المسلحة، أو بعد دخولهم معترك الحياة المدنية، وما زالوا يسطرون نجاحاتهم في ميادين البناء والعطاء.
وأشار إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة يعد تكريسا وترسيخا للعلاقة المتينة الراسخة بين القائد وشعبه، التي هي نهج هاشمي سار عليه جلالة الملك عبد الله الثاني على خطى والده وأجداده، ذلك أن المتقاعدين العسكريين هم شريحة مهمة وواسعة من مكونات المجتمع الأردني ولهم بصمات كبيرة في المسيرة وبناء الدولة الأردنية منذ إنشائها وحتى يومنا هذا.
وبين أن المتقاعدين العسكريين هم من رحم مؤسسة عريقة، ومن رجالها الذين سطروا للأردن تاريخا مشرفا ومشرقا عبر سنوات خدمتهم في القوات المسلحة، ودافعوا ببسالة عن ترابه الطهور، وقدموا التضحيات الجسام في سبيل ذلك، فهم بيد حملوا السلاح دفاعا عن الوطن، وباليد الأخرى علوا البنيان، وساهموا في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
وقال:"نرفع لمقام حضرة صاحب الجلالة وولي عهده تحية إجلال وإكبار لوضعهما المتقاعدين العسكريين على رأس أولوياتهما ليبقوا الرديف والسند الحقيقي للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في المحافظة على أمن الوطن والمواطن".
المقدم المتقاعد مصطفى عبد الكريم أبو سمرة، استذكر بهذه المناسبة الطيبة الذكريات التي جمعته بجلالته في بداية خدمته العسكرية في قواتنا الأردنية المسلحة، حيث التحق بنا جلالته في 1-4-1984م، ليعمل قائدا لفصيل الدبابات الأول في السرية التي كنت أقودها في كتيبة المدرعات/2 الملكية، قائلا:" شاركته التدريبات المختلفة على كيفية استخدام الدبابات والرمايات والدوريات، ولاحظت خلالها نبوغ جلالته وحبه للتدريب، وتمتعه بدقة الرماية النهارية والليلية".
وأضاف: لقد كان جلالته يشارك أفراد فصيلته في صيانة دبابته وأسلحتها بيده، فضلا عن اهتمامه الكبير بالتقنيات الفنية والإدارية، وكان جلالته محبا للرياضة، حيث كان يمارس لعبة كرة القدم والطائرة مع الجنود، ولمست حينها أن جلالته يطمح لتغيير الروتين، ويحب التطوير والتجديد للسلاح أو الآليات، أو حتى المخاطبات، وأذكر أنه كان يفكر حينها بإنشاء متحف للدبابات في المملكة -وهذا ما حدث فعلا-، وفي إحدى المناورات أذكر أنه حصل عطل فني في دبابة جلالته، وكانت حينها بعيدة عن المعسكر، وبدأ بنفسه بإصلاح الدبابة بمساعدة الفنيين، ولم يقبل العودة إلى المعسكر إلا بعد إتمام إصلاحها مع ساعات الفجر.
وقال:" إن جلالة سيدنا دائما يزور وحدات القوات المسلحة كافة، وفي مختلف الظروف، ويطمئن على وضع الأسلحة والآليات والأفراد".
ولفت إلى أن اهتمام جلالة سيدنا لا ينحصر بالعاملين بالقوات المسلحة فقط، بل هو حريص جدا على التواصل مع رفاقه المتقاعدين العسكريين. وخاصة ممن عملوا معه مباشرة، ولذلك تكرّم جلالته بتخصيص يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين الذي يصادف 15 من شباط من كل عام، تقديرا لوفائهم وتضحياتهم وعطائهم" مبينا أن أكبر دليل على ذلك أنه قبل ثلاث سنوات وجّه لي ولأفراد، فصيلته التي كان يقودها دعوى كريمة؛ لمقابلته في المكان نفسه الذي استقبلناه به في بداية خدمته، حيث جلس معنا، وبادلنا الحديث والذكريات الجميلة، وتم التقاط الصور التذكارية لنا معه، ولقد كنا سعداء جداً بمقابلته، وقمت حينها بإهدائه نسخة من القرآن الكريم، وهذا يدل على مدى تواضع سيدنا ومحبته لكل العاملين والمتقاعدين من قواتنا المسلحة.
وفي ختام حديثه قال:"سيبقى المتقاعدون العسكريون، أوفياء مدى الحياة للوطن والقائد، وسنبقى الرديف القوي للقوات المسلحة، ليبقى الأردن آمنا عزيزا وشامخا، يصبو نحو التقدم والازدهار، وسنبقى على العهد محافظين على الشرف العسكري، مبادلين قيادتنا ووطننا حبا بحب ووفاء".