في عالم يتسم بالتعددية الثقافية والدينية والعرقية يعد الدستور التنوعي أو الخطاب التنوعي أحد الركائز الأساسية لبناء مجتمعات متسامحة وقادرة على التعايش التنوع ليس مجرد واقع اجتماعي بل هو مصدر قوة وإثراء للهوية الجماعية ومع ذلك نشهد في السنوات الأخيرة تحولًا مقلقًا في بعض المجتمعات حيث يتم استبدال هذا الخطاب التنوعي بخطاب استقطابي يعتمد على الكراهية مما يهدد بزعزعة الاستقرار الاجتماعي ويدفع نحو التفتت والصراع.
سمو الاميرالحسن بن طلال " دستور فيصل الاول 1919 حمل خطاب الدستور التنوعي ".
وان الدستور التنوعي هو الإطار القانوني والسياسي الذي يعترف بالتعددية ويضمن حقوق جميع الأفراد والجماعات بغض النظر عن انتماءاتهم الثقافية أو الدينية أو العرقية هذا النهج يعتمد على مبدأ المساواة واحترام الاختلاف ويعمل على تعزيز الحوار بين المكونات المختلفة للمجتمع من خلال هذا الدستور يتم بناء جسور الثقة بين الجماعات مما يسمح بتحقيق التعايش السلمي والتضامن الاجتماعي.
على سبيل المثال في الدول التي تعتمد دستورًا تنوعيًا نجد أن الحقوق الثقافية واللغوية للأقليات مصانة وأن هناك سياسات تعليمية وإعلامية تعكس هذا التنوع هذا النهج لا يقوي فقط التماسك الاجتماعي بل يعزز أيضًا الشعور بالانتماء الوطني المشترك.
سمو الاميرحسن بن طلال " انا على صح انت على عدنا لعقلية ما بعد ان فلان تقدمي وفلان وطني والى اخره وقد ان الاوان أن نتجاوز الخلافات الثنائية والفردية من اجل العمل الجمعي السليم "
وعلى النقيض من ذلك يشهد العالم اليوم صعودًا لخطابات استقطابية تعتمد على الكراهية والتمييز هذه الخطابات غالبًا ما تستهدف الأقليات أو الجماعات المهمشة وتعمل على تعزيز الانقسامات الاجتماعية بدلًا من تجاوزها يتم استغلال الخوف والغضب لخلق عدو وهمي سواء كان ذلك بناءً على الدين أو العرق أو الثقافة مما يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية.
هذا التحول من الخطاب التنوعي إلى خطاب الكراهية لا يحدث في فراغ، بل غالبًا ما يكون مدفوعًا بأجندات سياسية تهدف إلى تعبئة الجماهير عبر استغلال الانقسامات في بعض الأحيان يتم استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة مما يعمق الشعور بالاستياء والعداء بين الجماعات.
استبدال الدستور التنوعي بخطاب الكراهية يحمل في طياته مخاطر جسيمة على المجتمع.
أولاً يؤدي هذا التحول إلى تآكل الثقة بين المكونات الاجتماعية، مما يجعل التعايش السلمي أكثر صعوبة.
ثانيًا يعزز هذا الخطاب من ظاهرة التطرف حيث يشعر الأفراد بالعزلة والظلم مما قد يدفعهم إلى تبني أفكار متطرفة أو الانخراط في أعمال عنفية.
علاوة على ذلك فإن استقطاب الكراهية يقوض الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة حيث أن المجتمعات المنقسمة تواجه صعوبات أكبر في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي بدلًا من العمل معًا لمواجهة التحديات المشتركة ينشغل الأفراد بالصراعات الداخلية مما يعيق أي محاولة لبناء مستقبل أفضل.
لحماية المجتمعات من مخاطر الاستقطاب والكراهية يجب العمل على تعزيز الخطاب التنوعي وإعادة تأكيد قيم التسامح والاحترام المتبادل هذا يتطلب جهودًا متضافرة من الحكومات والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني.
و على المستوى الحكومي يجب تعزيز التشريعات التي تحمي حقوق الأقليات وتكافح التمييز في المدارس والجامعات يجب تعليم قيم التنوع والمواطنة المشتركة وسائل الإعلام بدورها يجب أن تتحمل مسؤوليتها في نشر المعلومات الدقيقة وتعزيز الحوار البناء.
ان استبدال الدستور التنوعي بخطاب الكراهية يمثل تهديدًا وجوديًا للمجتمعات المتعددة في عالم يتسم بالترابط والتحديات المشتركة لا يمكننا تحمل تكلفة الانقسام والصراع يجب أن نعمل معًا لتعزيز قيم التنوع والتسامح وبناء مجتمعات تكون فيها الكراهية مجرد ذكرى من الماضي، وليس واقعًا نعيشه.