زاد الاردن الاخباري -
هآرتس - بينما أنظار العالم شاخصة إلى ما يحدث في غزة، تتواصل عملية "غزغزة" الضفة. وتتواصل عملية "السور الحديدي" في الضفة منذ أكثر من 4 أسابيع، وهي تشمل تهجير السكان، وتعليمات جديدة بشأن فتح النار (يد خفيفة على الزناد)، وهدم منازل، وتدمير بنى تحتية.
وبحسب مصادر في السلطة الفلسطينية، ونتيجة عمليات الجيش الإسرائيلي، جرى تهجير نحو 30 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة. وفي الوقت الذي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن لا وجود لسياسة مقصودة لتهجير السكان، تدل الشهادات من جنين وطولكرم على تنفيذ القوات الإسرائيلية عملية تهجير واسعة النطاق للسكان لمدة زمنية طويلة، وغير مسبوقة، مقارنةً بالعمليات السابقة.
وحتى من دون تهجير منظّم ورسمي، فالحصار وإطلاق النار ووجود قناصة، والتدمير، وقطع الكهرباء، والنقص في المياه، أمور كلها تدفع السكان إلى النزوح "الطوعي". ويجب أن نضيف إلى ذلك توسيع نطاق تعليمات فتح النار في الضفة، بحيث بات إطلاق النار بهدف القتل مسموحاً إزاء كل شخص "يعمل على الأرض".
استناداً إلى الجيش، الهدف من العملية محاربة المجموعات المسلحة في مخيمات اللاجئين، لكن عدداً كبيراً من الفلسطينيين يعتبرها محاولة للقضاء على مخيمات اللاجئين. ومن المهم التذكير بأن العملية بدأت في أعقاب ضغط المستوطنين خلال السنة الماضية، ومطالبتهم بتحويل الضفة الغربية إلى جبهة قتالية. وبعد وقف إطلاق النار في غزة، منح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتسلئيل سموتريتش "هدية" في مقابل عدم استقالته من الائتلاف، هي: ترانسفير مصغّر في الضفة.
وفي الواقع، مثلما يجري في غزة، كذلك الأمر في مخيمات اللاجئين في الضفة، حيث يدمر الجيش الإسرائيلي البنى التحتية المدنية والمنازل والطرقات. لقد دمّر الجيش الطريق المؤدية إلى مستشفى جنين الحكومي، ووضع على مدخلها حاجزاً عسكرياً إسرائيلياً. وعلى الرغم من أن الجيش يكذّب دائماً أيّ كلام عن وجود سياسة مقصودة لتدمير البنى التحتية وتهجير السكان، فإن مصادر أمنية تقول، بصورة غير رسمية، إن قيادة المنطقة الوسطى وضعت خطة لتغيير منطقة المخيمات، وحصلت على الموافقة عليها من المستوى السياسي.
عملياً، يبدو أن إسرائيل وجدت في الحرب على غزة فرصة لتغيير الوقائع في الضفة أيضاً، بينما تشكل محاربة (المقاومة) ذريعة لتدمير البنى التحتية وتهجير السكان، ولوجود عسكري دائم. بالنسبة إلى المستوطنين الذين يرغبون في القضاء على إمكان قيام دولة فلسطينية، فإن مثل هذه العمليات أمر مرحّب به.
يتعين على إسرائيل السماح بعودة 30 ألف نازح فلسطيني إلى منازلهم، ووقف "غزغزة" الضفة. إن إساءة معاملة السكان الفلسطينيين لن تحلّ المشكلات الأمنية لإسرائيل، بل من المؤكد أنها ستؤدي إلى توسيع دائرة العنف، وإلى القضاء الكامل على إمكان حلّ الدولتين.