مع تصاعد التوترات حول مستقبل قطاع غزة، برزت تساؤلات عديدة حول الخطة المصرية البديلة، التي يجري إعدادها بالتنسيق مع الأردن، وسط غموض يحيط بتفاصيلها ، ففي الوقت الذي يؤكد فيه السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، أن البديل الوحيد المطروح هو الخطة الأميركية الحالية، تبرز تساؤلات جوهرية حول مدى انسجام المواقف العربية بشأن هذه القضية الحساسة ، ولعل
تأجيل زيارة السيسي إلى واشنطن تأتي كخطوة تكتيكية ، حيث أكدت مصادر مصرية تأجيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن إلى ما بعد القمة العربية الطارئة المزمع عقدها في القاهرة في 27 فبراير/شباط، وذلك لضمان تقديم تصور يحظى بدعم عربي كامل خلال اللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ويعكس هذا التأجيل رغبة القاهرة في توحيد الموقف العربي قبل أي تفاوض مباشر مع واشنطن بشأن غزة، لا سيما في ظل الضغوط الإسرائيلية والأميركية لدفع حلول تتعارض مع المصالح الفلسطينية والعربية ، و على الرغم من السرية التي تحيط بتفاصيل الخطة المصرية، كشفت مصادر موثوقة أنها تعتمد على تشكيل لجنة فلسطينية تحت إشراف السلطة الوطنية الفلسطينية، مع استبعاد حركة حماس، لتتولى إدارة إعادة إعمار القطاع ، ووفقًا للمصادر، فإن شركات مصرية، إلى جانب أخرى إقليمية ودولية، ستتولى تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، بينما يتم بحث إمكانية نشر قوات عربية أو دولية لحماية فرق العمل والمشروعات ، و
لكن هذه الرؤية تواجه عقبات كبرى، أبرزها الرفض الإسرائيلي، إذ تتمسك تل أبيب بمقاربات مختلفة، تركز على اعتبارات أمنية تتعارض مع أي وجود عسكري غير إسرائيلي في القطاع ، كما أن مسألة نشر قوات عربية أو دولية تمثل نقطة خلافية حساسة ، فبينما ترفض بعض الدول أي تورط عسكري مباشر، قد تواجه أي قوة تدخل هناك مقاومة فلسطينية داخلية، مما يعقد تنفيذ أي ترتيبات أمنية جديدة في غزة ، وإلى جانب العقبات السياسية، تواجه خطة إعادة الإعمار تحديات تقنية وأمنية، حيث تتداخل مشاريع البنية التحتية مع شبكة الأنفاق والمرافق العسكرية التابعة للمقاومة الفلسطينية، مما يفتح الباب أمام صدامات محتملة بين الفصائل الفلسطينية وأي قوة إشرافية قد تُفرض على القطاع ، ويزيد ذلك من تعقيد قبول إسرائيل لأي مشاريع قد تعزز من قدرة غزة على استعادة عافيتها دون فرض ضوابط أمنية صارمة ،إضافة إلى العقبات الداخلية، يبرز التباين في المواقف العربية كعامل قد يضعف فرص نجاح أي خطة إقليمية ، فقد أشار السفير الإماراتي يوسف العتيبة إلى عدم وجود بديل عن الطرح الأميركي، الذي يتضمن تهجير سكان غزة، وهو ما يعكس فجوة واضحة في الرؤى بين الدول العربية، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة مصر على بلورة موقف عربي موحد ، كما أن مسألة تأمين الحماية للشركات المنفذة لمشاريع الإعمار تتطلب ترتيبات أمنية معقدة، قد لا تحظى بقبول جميع الأطراف ، و وسط هذه التعقيدات، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر باريس حول سورية، الجهود المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية ، وصرّح عبد العاطي بأن مصر "بصدد بلورة تصور شامل لمساعدة الفلسطينيين في غزة، عبر برامج للتعافي المبكر وإعادة الإعمار مع بقاء السكان في أراضيهم"، في إشارة إلى رفض أي سيناريو لتهجيرهم ، و
يرى محللون أن الخطة المصرية قد تتضمن عمليات إجلاء داخلي لسكان غزة إلى مناطق أكثر أمانًا، دون تهجير خارجي، لكن يظل التساؤل قائماً حول ردود الفعل الفلسطينية ، فبينما تسعى القاهرة إلى تقديم رؤية عربية مستقلة، قد يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ : إما القبول بخطة ترامب، أو القبول بخطة عربية أقل ضررًا ولكنها لا تتوافق مع تطلعاتهم الوطنية ، وفي ظل استمرار الغموض حول تفاصيل الخطة المصرية، وتباين المصالح الإقليمية والدولية بشأن غزة، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة القاهرة على فرض رؤية تحظى بقبول عربي وفلسطيني ودولي ، فهل ستنجح مصر في تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الأمن الإقليمي والمطالب الفلسطينية، أم أن تعقيدات المشهد ستفرض حلولًا تكرّس الانقسام بدلًا من إنهائه؟!! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .