في تقديرنا كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، نجد أنه وعلى الرغم من الدعم غير المسبوق الذي قدمته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإسرائيل، إلا أن السياسات التي انتهجها، خصوصًا في ملف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لم تكن في صالح إسرائيل على المدى المتوسط و البعيد، بل قد تكون بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستعجّل بزوالها ، ومن بين أكثر السياسات خطورة، كانت خطة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وهي خطوة لا تنذر إلا بمزيد من التوتر الإقليمي، وتجعل إسرائيل في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، وحتى مع حلفائها التقليديين ، ولطالما كان التهجير القسري أداة استعمارية تُستخدم لإعادة رسم الخرائط الجغرافية والديموغرافية لصالح القوى المحتلة، لكن ما يخطط له ترامب ونتنياهو يتجاوز مجرد إعادة توزيع السكان، ليصبح تطهيرًا عرقيًا يهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في أرضه ، فقد سعت إدارة ترامب، عبر أدواتها المختلفة، إلى تسهيل عملية تفريغ قطاع غزة من سكانه من خلال الحصار الخانق، وافتعال الأزمات الاقتصادية والإنسانية، وصولًا إلى تقديم "صفقات اقتصادية" لدول مثل مصر والأردن لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين ، ولكن هذه الخطة تحمل في طياتها أخطارًا استراتيجية هائلة على إسرائيل نفسها، لأن فرض التهجير القسري يعني ، ما يلي :
1. خلق موجات غضب غير مسبوقة في العالم العربي والإسلامي، حيث لن تقبل الشعوب العربية، حتى لو قبلت بعض الحكومات، بهذه الخطوة التي تعيد إلى الأذهان نكبة 1948.
2. تفجير الداخل الفلسطيني، إذ أن الفلسطينيين، الذين صمدوا عقودًا أمام محاولات التهجير، لن يقبلوا بهذا المخطط وسيقاومونه بكل الوسائل الممكنة، مما يجعل إسرائيل في مواجهة تصعيد خطير قد يصل إلى انتفاضة جديدة أشد عنفًا.
3. إضعاف الموقف الإسرائيلي على الساحة الدولية، فحتى الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة في أوروبا، الذين يتغاضون عن سياسات إسرائيل عادة، لن يتمكنوا من تبرير تهجير قسري بهذا الحجم، مما قد يدفع دولًا كبرى إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل، مثل فرض عقوبات اقتصادية أو حتى تجميد العلاقات الدبلوماسية ،
وحاولت إدارة ترامب الضغط على مصر لاستيعاب جزء من سكان غزة في سيناء، وعلى الأردن لمنح الفلسطينيين في الضفة حقوقًا موسعة، كتمهيد لتوطينهم بشكل دائم، لكن هذه المحاولات قوبلت برفض شديد من الدولتين ، فمصر تدرك جيدًا أن أي توطين للفلسطينيين في سيناء لن يكون حلًا، بل سيفتح الباب أمام مزيد من التوتر الأمني، ويجعلها طرفًا في صراع لا مصلحة لها فيه ، أما الأردن، الذي يحمل أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، فيعلم أن أي خطوة في هذا الاتجاه قد تهدد استقراره الداخلي وتغير تركيبته السكانية، مما قد ينعكس على استقرار النظام السياسي نفسه ، وربما ظن ترامب أن الضغط على الفلسطينيين وفرض الوقائع بالقوة سيؤدي إلى استسلامهم وقبولهم بالحلول المطروحة، لكن الواقع أثبت عكس ذلك ، فالضغط يولّد الانفجار، وإسرائيل اليوم ليست في موقف قوة كما تبدو، بل في حالة عزلة دولية متزايدة ، كما أن الإدارات الأمريكية القادمة لن تكون بالضرورة متطرفة كما كانت إدارة ترامب، مما يعني أن أي تغيير في البيت الأبيض قد ينعكس سلبًا على إسرائيل، خصوصًا إذا بدأت الولايات المتحدة تدرك أن مصالحها في المنطقة لم تعد مرتبطة بإسرائيل بقدر ارتباطها بالاستقرار الإقليمي الأوسع ، بالتالي إن الخطة التي سعى ترامب إلى تنفيذها ليست سوى انتحار سياسي لإسرائيل، لأنها تجعل منها دولة محتلة علنًا، ومجرمة حرب في نظر العالم، وعاجلًا أم آجلًا، ستجد واشنطن نفسها مضطرة لمراجعة سياساتها، لا حبًا في الفلسطينيين، بل حفاظًا على مصالحها الاستراتيجية ، وعندها، ستكون إسرائيل قد خسرت الغطاء الأمريكي، ووجدت نفسها في مواجهة عالم يرى فيها عبئًا يجب التخلص منه ، وقد تعتقد إسرائيل اليوم أن دعم ترامب لها هو أكبر مكسب استراتيجي حصلت عليه منذ تأسيسها، لكنها في الحقيقة تتلقى جرعة سُمّ بطيء ستؤدي في النهاية إلى عزلتها وانهيارها ، فالتهجير القسري، ودعم التطرف الإسرائيلي، والتلاعب بحقوق الفلسطينيين، كلها عوامل لن تؤدي إلا إلى خلق بيئة عدائية لإسرائيل على كل المستويات، محليًا وإقليميًا ودوليًا ،
وبالنظر إلى التاريخ، فإن الأنظمة والكيانات التي قامت على الظلم والتهجير والقمع لم تستمر طويلًا، وإسرائيل ليست استثناءً ، والسياسات التي وضعتها إدارة ترامب قد تكون القشة التي تقصم ظهر المشروع الصهيوني، وتفتح الباب أمام حقبة جديدة لن تكون إسرائيل جزءًا منها ، وهذه الرؤية حقيقية لا تعبر عن رأينا الشخصي فقط ، وإنما عن رأينا ورأي كافة أبناء محافلنا ومجامعنا الإنسانية على المستوى العالمي ، نضعها أمام الجميع وللتاريخ ، الذي سيشهد زوال اسرائيل من خلال سياسات ترامب التي تضع الأسس القوية من أجل زوال اسرائيل ... !! خادم الإنسانية.
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .