في مشهد يعيد للأذهان روح العروبة التي جمعت دمشق وعمّان على مرّ التاريخ، جاءت زيارة الرئيس السوري إلى المملكة الأردنية الهاشمية لتكسر صمتاً طال بين البلدين، معلنة بداية مرحلة جديدة من التعاون العربي الذي تفرضه ضرورات الجغرافيا وروابط التاريخ والعروبة والمصير المشترك .
لقد عانت العلاقات السورية الأردنية من سنوات الجفاء، لكنها لم تفقد يوماً أسسها العميقة التي تمتد من وحدة الدم إلى التشابك الاستراتيجي في قضايا الأمن والسياسة والاقتصاد .
واليوم تأتي هذه الزيارة لتؤكد أن العرب قادرون على رأب الصدع، وأن الحوار المباشر يظل الطريق الأنجع لمعالجة الملفات العالقة بعيداً عن التدخلات الأجنبية التي لطالما سعت إلى تمزيق نسيج الأمة وتفكيك عرى الأخوة بين شعوبها .
إن لقاء القادة العرب على طاولة واحدة، في زمن تتسارع فيه التحديات الإقليمية والدولية، هو انتصار لإرادة الاستقلال والكرامة، ورسالة بأن سوريا، رغم جراحها، تعود إلى عمقها العربي بثبات، وأن الأردن، رغم الضغوط، يمدّ يده لإعادة ترتيب العلاقات بما يخدم مصلحة الشعبين .
لم يكن لقاء عمّان مجرد بروتوكول سياسي، بل هو خطوة تعكس إدراكاً بأن الأمن القومي العربي لا يتحقق إلا بالتكاتف، وأن المصالح القومية لا يمكن أن تُرتهن لإملاءات خارجية تسعى إلى إبقاء المنطقة في دوامة النزاعات، فالسيادة لا تتجزأ، والعروبة ليست شعاراً، بل التزام بمواقف تليق بتاريخ الأمة وإرثها النضالي .
لقد آن أوان أن تخرج الدول العربية من دائرة الترقب إلى فضاء الفعل، وأن تعود سوريا إلى موقعها الطبيعي في قلب القرار العربي، ليس كمجرّد طرف في معادلة السياسة، بل كركن أساسي في معادلة الصمود والكرامة . وبين دمشق وعمّان، يمتد شريان من العروبة يأبى الانقطاع، مهما حاولت رياح السياسة أن تعصف به .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي