زاد الاردن الاخباري -
لم يمر اللقاء الذي كان منتظراً بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كما كان متوقعاً الجمعة، بعد الأجواء المشحونة التي طبعته إثر المشادة والانتقادات التي حظي بها زيلينسكي أمام الصحافيين من كل من ترمب ونائبه جي دي فانس، الأمر الذي اعتبره مسؤول أوكراني "استفزازاً متعمداً".
وبحسب ما حصل عليه موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي من معلومات، فإن ترمب وكبار مساعديه تشاوروا فيما بينهم بعد المشادة الكلامية مع الرئيس الأوكراني، قبل أن يتخذ الرئيس الأميركي القرار بأنه يتعين على زيلينسكي "الذهاب في حال سبيله". وأضاف أن البعثة التي رافقت زيلينسكي من كييف اضطرت للانتظار لنحو ساعة في غرفة منفصلة، في انتظار توقيع اتفاق المعادن الذي كان على رأس أجندة الزيارة، أملاً في تلافي الضرر الذي حدث خلال اللقاء المشحون.
وأوضح الموقع ذاته أنه حتى تلك اللحظة كان مازال مقرراً أن يتناول زيلينسكي وترمب وجبة غداء وعقد لقاء صحافي مشترك. لكن كل ذلك تبخر بعدما خرج وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو، ومستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، من "المكتب البيضاوي ليتوجها نحو المكان الذي كان يجلس به زيلينسكي ليخبراه بضرورة الرحيل".
وعلى وقع التطورات السلبية، انتهت زيارة زيلينسكي للبيت الأبيض من دون التوقيع على صفقة المعادن النادرة، ومن دون حصوله على أي ضمانات بمواصلة تلقي بلاده للدعم الأميركي. وعقب ذلك، كتب ترمب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" إن زيلينسكي "ليس مستعداً للسلام في حال مشاركة الولايات المتحدة"، معتبراً أنه "قلل من احترام" الولايات المتحدة في المكتب البيضاوي. وأضاف ترامب أن زيلنيسكي "يمكنه العودة عندما يكون مستعداً للسلام".
ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين في البيت الأبيض تأكيدهم أن الاحتقان الذي عرفه اللقاء الرئاسي "لم يكن كميناً معداً مسبقاً".
وقال المسؤولون أولئك، من دون كشف أسمائهم: "كنا نخطط لتوقيع صفقة المعادن والشروع في هذه الشراكة الاقتصادية والانتقال نحو السلام". في المقابل، قال مسؤول أوكراني لشبكة "إي بي سي نيوز": "كنا مستعدين لاجتماع مثمر، لكن من الواضح أنهم كانوا يريدون بدء نزال".
وأكد أحد أعضاء الوفد الأوكراني الذي شارك في المحادثات بالبيت الأبيض للشبكة الإخبارية الأميركية أن الجانب الأوكراني انتظر في غرفة منفصلة بعد المشاجرة الكلامية، وكان مستعداً لمواصلة المفاوضات.
وأوضح من جانبه أن الموظفين بالبيت الأبيض أخبروهم بإلغاء اللقاءات، وبأنه يتعين عليهم المغادرة.
ولدى سؤال المسؤول الأوكراني عما إن كان يعتقد بأنه تم استفزاز زيلينسكي بشكل متعمد، رد قائلاً "نعم أعتقد ذلك".
وبدأت المشادات بكلمة جي دي فانس عن الدبلوماسية، فرد عليه الرئيس الأوكراني: "أي نوع من الدبلوماسية تتحدث عنه؟"، ما أغضب نائب الرئيس الأميركي الذي رد: "هل تعتقد أنه من الاحترام أن تأتي إلى البيت الأبيض وتهاجم الإدارة التي تحاول منع تدمير بلدك؟ أعتقد أنه من غير اللائق أن تأتي إلى المكتب البيضاوي لمحاولة التقاضي في هذا الأمر أمام وسائل الإعلام الأميركية".
واستمرت الأجواء المشحونة واشتعل النقاش عندما قال زيلينسكي: "هناك كثير من الضغوط علينا، وقد تصل إليكم، قد تشعرون بها في المستقبل"، فقاطعه ترامب رافعاً إصبعه في وجه زيلينسكي: "لا تعرف ذلك، لا تخبرنا بما سنشعر به... أنت لست في وضع يسمح لك بإملاء ذلك"، وكرر ترمب: "أنت لست في وضع يسمح لك بإملاء ما سنشعر به... أنت الآن لست في وضع جيد، أنت تسمح لنفسك بأن تكون في وضع أدنى. نحن نحاول حل مشكلة"، وأضاف محذراً: "إما أن تتوصل إلى اتفاق وإما أننا سنترك (دعم الحرب)، وإذا تركنا فستقاتل وحدك حتى النهاية". وتابع: "أنتم تقللون من احترام بلدنا. أعلم أنكم لن تكسبوا" الحرب ضد روسيا.
بذلة زيلينسكي تستفز ترمب
من جهة أخرى، كشف موقع "أكسيوس" عن بعض التفاصيل الصغيرة التي ساهمت في شحن أجواء اللقاء بين زيلينسكي وترمب، وقال إن أمراً صغيراً وليس هامشياً أغضب ترمب، وهو عدم ارتداء زيلينسكي لبدلة بدل الزي الذي يرتديه منذ بدء الحرب على أوكرانيا قبل ثلاثة أعوام. وأضاف نقلاً عن مصادر مطلعة أن مستشاري ترامب أخبروا فريق زيلينسكي في عدة مناسبات بأنه سيكون من الأنسب للرئيس الأوكراني وضع الزي الشبيه بالبذلة العسكرية جانباً عندما يزور البيت الأبيض.
وحل زيلينسكي بالمكتب البيضاوي مرتدياً سترة سوداء اللون بدت رسمية أكثر وعليها الرمز الأوكراني الوطني، لكن من دون بدلة. وعلق ترامب على ذلك لحظة مصافحته زيلينسكي عندما استقبله بمدخل الجناح الغربي للبيت الأبيض، قائلاً "إنه يرتدي ملابس خاصة اليوم".
ودعا ترمب زيلينسكي، بعد المشادة الحادة التي دارت بينهما، إلى تقديم "تنازلات"، في حين قال الأخير إنه لا يريد أن يفعل ذلك مع "القاتل"، في إشارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ترامب للصحافيين أثناء ترحيبه بزيلينسكي في المكتب البيضاوي: "لا اتفاق بدون تنازلات. لذلك ستكون هناك حاجة بالتأكيد إلى تقديم تنازلات، لكنني آمل ألا تكون كبيرة كما يعتقد البعض". من جهته، رد زيلينسكي إن أوكرانيا لن تقدم على "مساومات مع قاتل على أراضينا (...) الذي بدأ الحرب عليه أن يتحمل الثمن".
وفي وقت لاحق عقب المشادة، قال ترمب للصحافيين إن زيلينسكي "بالغ في تقدير إمكانياته"، مؤكداً أن الأخير "يرغب في العودة الآن"، لكن الرئيس الأميركي اشترط من أجل استئناف المحادثات أن يعلن زيلينسكي رغبته في صنع السلام، مؤكداً أن الأخير "يرغب في القتال باستمرار، ونحن لن نستمر في القتال".
وقال إن الولايات المتحدة "لا ترغب في اللهو"، مضيفاً أنه يتطلع للسلام وليس لحرب تستمر عشرة أعوام. واعتبر أن اجتماعه مع نظيره الأوكراني "لم يكن جيداً".