وسط مهرجان احتفالي وصل لحوالي الساعتين منذ دخول الرئيس ترامب حتى خروجه من قاعة الكونجرس في الكابيتول هيل، جاء خطاب الرئيس الأمريكي عن حالة الاتحاد ليعيد للأذهان خطابات فيديل كاسترو الشهيرة، التي كانت تتحدث بنبرة ثورية لساعات طويلة وسط هتافات الجميع وتصفيقهم، وهي ذات الصورة التي راح ليرسيها دونالد ترامب فى خطابه الجماهيري الذى جاء تحت عنوان أمريكا في العصر الذهبي.
حيث استعرض فيه الرئيس الأمريكي برنامجه التوسعي باستخدام القوة الاقتصادية وسياسات الجمارك الجبائية والتي ستجبر الدول المستهدفة للإذعان لسياسته، بنبرة غطرسة استفزازية كما تجعل من الشركات الكبرى تتهافت للدخول للكوكب الأمريكي، بعد تخفيض للضرائب على الشريحة الغنية والطبقة الرأسمالية فى المجتمع، وهذا ما سيجعل على حد وصفه توطين معظم الصناعات المعرفية وبما فى ذلك الرقائق الإلكترونية منها وصناعات الذكاء الاصطناعي، هذا اضافة الى نماذج جلب المصانع من موطنها بكل تقنياتها ليسار إلى توطينها فى داخل الكوكب الأمريكي الذي يريد الاستحواذ على المصانع وليس الصناعات كما كان بالسابق.
وكما يريد الاستحواذ ايضا على الأراضي الواصلة مع المحيط المتجمد الشمالي حيث ستكون عقدة الرابط الجيواستراتيجي الجديد "قطبية" بين أمريكا وروسيا، وستكون منطقة المحيط الشمالى بديلة على لحلف شمال الأطلسي في جغرافيا المكان، وهذا ما ذهب ليؤكد على فحواه الرئيس ترامب فى بيان اتباع سياسة ضم غرينلاند، والعمل على خنق كندا اقتصاديا تمهيدا لضمها في نهاية المطاف، هذا إضافة للسيطرة على فضاءات المكسيك لغايات العمالة، ومضيق بنما لغايات التحكم على التجارة الدولية.
ولم يقف خطابه طويلا فى محتوى المناطق الساخنة في شرق أوروبا بمحراك أوكرانيا والشرق الأوسط بمحراك اسرائيل الا من باب اهمية السلام لأوكرانيا واستهداف عودة المعتقلين من غزة، من دون الوقوف عند حيثيات تبين آليات العمل وتظهر وسائلها، ويعتقد متابعون أن السبب يعود لأمرين، الأول يتمثل بضرورة أداء مسألة اداره الازمه الفلسطينيه وليس حلها لضرورات توافق الأطراف المتداخلة، أما الثانية فهى تجاه أوكرانيا والذي يمثلها دخل أمريكا لأوكرانيا من المدخل الاقتصادي لضمان أمنها عبر اتفاقية المعادن حتى لا تزداد حفيظة روسيا تجاهها.
وهى النتيجة التى جعلت من هذه الجمل تأتي مقتضبة بانتظار توافقات القمه القطبيه الامريكيه الروسية التى يتم الإعداد لها على قدم وساق، لشمولية الطابع الذى ستقف عليه باعتبارها ستحمل نتائج على كافة الأصعدة الاقتصادية فى التبادل التجارى والتوطين الصناعي والمالية منها على الصعيد النقدي ومنظومة الكربتو العملات الرقميه، كما مستوى مناطق النفوذ والمعادن النفيسة فى الشمال القطبي، هذا اضافه الى مسألة الموارد الطبيعية التي يراد السيطرة على ثرواتها وأنظمة الجيل الخامس المطوره وغيرها من نماذج العمل التى اصبحت بحاجه لانظمه تحميها، وهذا ما جعل من برنامج الرئيس ترامب يوقف الهجرة غير الشرعية ويقدم الفيزا الذهبية من أجل توطين الصناعات وآليات الزراعة الحديثة التى تحوى على طرق تكنولوجيه جديده تقلل من حجم تشغيل الموارد البشرية لصالح مستوى انتاجي أعلى.
الخطاب الذي استعرض فيه الرئيس دونالد ترامب طاقمه الوزاري بطريقة غير مألوفه خرج عن الطابع الرسمي نتيجة كثرة التصفيق وعلا صوت التبجيل للحد الذي أحس فيه الجميع بعودته للأجواء الشيوعية بمناخاتها الشمولية حيث القائد وحاضنته الشعبية، وهذا ما جعل الكثير من المراقبين يتساءلون امريكا الى اين ؟.
فان الصورة التي تظهرها أمريكا ليست بالصورة التي يمكن بناء روابط معها كونها تسقط جملة البيان التى تقول ان عداء امريكا خطر، وأن الصداقة معها مقتل، فلا هذا يفيد ولا ذاك مجدى.
وهذا ما تبينه مسألة الطلب من المخابرات الامريكية لإعادة تقييم انظمة المنطقة في قوتها السلطوية والبنيوية الذاتية، حيث تأتى تزامنا مع هذا الخطاب وذلك حتى يتم بناء خطة عمل بين" التقييم والتنفيذ" بعملة تواتر بين المخابرات والجيش، حيث يتم إسقاطها مع بداية شهر أبريل القادم كما تقول بعض القراءات فى سياق الحديث عن بناء قاعدة أمريكية في سيناء وأخرى فى السعوديه والإمارات، ودخول إسرائيل في الفضاءات السورية عبر شرعيه امريكيه هذه المرة تأتي عبر شرق الفرات وليس من غربه كما كان متوقع !.
ولعل ظروف خطاب حالة الاتحاد فى هذا العام مختلفة عن غيرها من الأعوام، كونها تأتي وسط متغيرات عميقة لا تشهدها الفضاءات الدولية بقدر ما تشهدها الساحة الأمريكية بكل أركانها الرئيسيه فى عقدتها الامنية، اثر حالة الانفصال الأنجلو أمريكي كما النقدية مع عقد مؤتمر الكريبتو للعملات الرقمية كما الأممية، التي أخذ فيها القانون الدولي لا يستخدم الا للعظه ولا يظهر إلا في المؤتمرات الدولية، وهي معطيات في مجملها تبين أن متغير عميق أخذ يلوح بالافق بعدما انتهت مرحلة بالونات الاختبار ودخل الجميع في مرحلة إعادة التقييم كما بينه خطاب دونالد ترامب ل 100 دقيقة فى الكونجرس.