كتب : المهندس حسن الوهداني - في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، بات تدوير النفايات ضرورة ملحة، ليس فقط لحماية البيئة، بل أيضًا كآلية فعالة لتعزيز التنمية المستدامة على المستوى المحلي. فالنفايات، التي لطالما اعتُبرت عبئًا بيئيًا، يمكن أن تتحول إلى مورد اقتصادي يدعم المجتمعات المحلية، ويوفر فرص عمل، ويعزز من جودة الحياة.
أولاً، يلعب تدوير النفايات دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد المحلي. من خلال إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة تعمل على جمع وفرز وإعادة تدوير المواد، يمكن توفير فرص عمل للكثيرين، خاصةً في المجتمعات التي تعاني من البطالة. على سبيل المثال، تحويل النفايات البلاستيكية إلى منتجات قابلة لإعادة الاستخدام، أو الاستفادة من النفايات العضوية في إنتاج السماد الطبيعي، كلها أنشطة تخلق فرصًا اقتصادية مستدامة.
ثانيًا، تساهم عمليات التدوير في تقليل التلوث البيئي، حيث يؤدي تراكم النفايات إلى تلوث التربة والمياه والهواء، مما يؤثر سلبًا على صحة الأفراد والحياة البرية. إعادة تدوير الورق، على سبيل المثال، يساعد في تقليل قطع الأشجار، فيما يقلل تدوير المعادن من الحاجة إلى عمليات التعدين الضارة. وبالتالي، فإن تقليص حجم النفايات يقلل من الانبعاثات الضارة، مما يحسّن الصحة العامة ويساهم في بيئة أكثر نظافة.
ثالثًا، يعزز تدوير النفايات مفهوم الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع. من خلال الحملات التوعوية وبرامج التعليم البيئي، يمكن غرس ثقافة الاستدامة لدى الأجيال الشابة، مما يؤدي إلى تبني سلوكيات إيجابية مثل تقليل استخدام البلاستيك، وفرز النفايات، وتشجيع الابتكار في مجال إعادة التدوير.
رابعًا، يدعم تدوير النفايات التنمية الاجتماعية، إذ يمكن أن تكون هذه المشاريع حافزًا لتعزيز العمل الجماعي والتضامن بين أفراد المجتمع. عندما يشارك السكان في مبادرات إعادة التدوير، سواء عبر حملات تنظيف الأحياء أو برامج إعادة استخدام المواد، فإن ذلك يعزز روح المسؤولية الجماعية والتعاون.
خامسًا، يمكن لتدوير النفايات أن يساهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجتمعات المحلية، من خلال إنشاء مشروعات إنتاجية تعتمد على المواد المعاد تدويرها. فعلى سبيل المثال، يمكن للمجتمعات الريفية تصنيع منتجات حرفية من المواد المعاد تدويرها، مثل الحقائب المصنوعة من القماش المعاد استخدامه أو الديكورات المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، مما يفتح آفاقًا جديدة للتسويق والربح.
في الختام، تدوير النفايات ليس مجرد إجراء بيئي، بل هو استراتيجية فعالة لدفع عجلة التنمية المحلية، من خلال خلق فرص العمل، وتقليل التلوث، وتعزيز الوعي البيئي، ودعم الروابط الاجتماعية. لذا، فإن الاستثمار في مشروعات إعادة التدوير يعد استثمارًا في مستقبل أكثر ازدهارًا، حيث يصبح كل فرد جزءًا من الحل، ويساهم في بناء مجتمع أكثر استدامة وعدالة.
المهندس - حسن الوهداني - المملكة الأردنية الهاشمية سفير السلام العالمي - معهد قادة السلام الدوليين بالعالم