سلوكات غريبة، بعيدة عن نهج التربية التي نشأ عليها أبناؤنا وأجيال كثيرة، سلوكات يلجأ لها الطلبة وربما غيرهم تتسم بأشكال عنف، وتنمّر، واعتداءات حقيقة لم نعتد عليها، وللأسف رغم ما يبذل من جهود لمواجهة مثل هذه السلوكات السلبية من الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم، إلاّ أن مزيدا منها لا يزال يحدث، ولا نزال نسمع طلبة يضربون زميلا لهم، أو غيرها من مشاهد للأسف نشاهدها ولا يمكن تجاهلها أو إغماض عيون الاهتمام عنها.
ولم تعد للأسف هذه السلوكات المشوهة مقتصرة على الاعتداءات بين الطلبة، لكننا بتنا نتابع ونرى ألعابا خطيرة يمارسها الأطفال في الشوارع وتتسبب بأضرار خطيرة وإصابات، وذلك يندرج أيضا تحت مسمى هذه السلوكات التي ما زلت أرى بها غير مألوفة ولم نعتد عليها في مجتمعنا الذي لم يعرف عنه يوما سوى سمة واحدة أننا أسرة واحدة إذا اشتكى منّا أحد تداعينا له جميعا بالسهر والقلق، لكنها تحدث للأسف بشكل مقلق، تحديدا أن أكثرها يقع بين الأطفال، وفي سنّ مهم حيث يبني خلاله الشخص شخصيته، ليكون التنبّه لما يحدث ضرورة وليس ترفا!!.
عند سقوط جديد بأي مجال من مجالات الحياة، علينا أن نبحث ما وراءه، الذي سيكون جديدا أيضا والتأثّر به يكون ضخما، ما أريد قوله إن ما تشهده بعض المدارس وما يقوم به بعض الأطفال من سلوكات عنيفة، وهو ما يعدّ جديدا علينا، حتما وراءها أيضا جديد ولا يمكن لشمس وضوحه أن تغطى بغربال، فوراء ذلك وبهذه الزيادة المقلقة يكمن في البقاء خلف شاشات الهواتف والأجهزة الذكية من قبل الأطفال، والتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يقارب الإدمان، لتصبح محتوياتها هي من تمارس دور المربّي والمؤثّر في حياة جيل بل أجيال، مضامين سيئة وسلبية ومشوهة، والأخطر أن كل ذلك يتم دون متابعة ومراقبة من الأهل ما يجعل من هذا الفضاء واسعا وجاذبا للأطفال.
حقيقة ربما يرفضها البعض ويتجاهلها آخرون، لكن استخدام الأجهزة الذكية والتعامل مع «السوشال ميديا» يحتاج رقابة ومتابعة، من الأهل والأسر والمدرسة والجامعة ودور العبادة، ومن كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة، لأن ترك الأمور بما هي عليه من الانفتاح باتت نتائجه الخطيرة تُرى بالعين المجردة، وبتنا نرى سلوكات سلبية تصل حدّ الخطورة، على الأطفال وزملائهم وعائلاتهم، ومجتمعاتهم، واقع الحال يحتاج اهتماما أكثر تحديدا من الأسرة على أبنائها وأكثر تحديدا من الأم، والاهتمام بالنشاطات والفعاليات العائلية المشتركة ولنضع تحت كلمة المشتركة مئات الخطوط الحمراء، يجب إدماج الطفل مع عائلته بفعاليات ونشاطات تجذبه لما هو طبيعي وتبعده عما هو افتراضي!!!.
ما شاهدناه خلال الأيام الماضية من حرق طلبة لزميلهم، واعتداء آخرين على زميلهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وانتشار لعبة «الخريس» بين الأطفال وانتشار مشاهد اللعب بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ما استدعى مديرية الأمن العام في بيان لها التحذير من سلوكات سلبية انتشرت خلال الأيام الماضية وهي إشعال الخريس (سلكة الجلي) في الشوارع والأماكن العامة ما تسبب بإشعال عدد من الحرائق وهدد سلامة المواطنين، كلها حوادث وسلوكات تابعناها بألم خلال أيام قليلة.
كلها حوادث تقرع جرس حتمية الاهتمام لتجاوز هذه السلوكات تشخصيها لن يحتاج وقتا طويلا، بالتالي علاجها سهل، وذلك يكون بضبط التعامل مع السوشال ميديا وهذا الأمر مطلوب من الأهل كما هو من الأطفال، فغالبية انشغال الأهل عن أطفالهم يكون بسبب التمترس خلف شاشات الهواتف أو الأجهزة الذكية ومواكبة السوشال ميديا، بالتالي الحل في مواجهة هذه السلوكات السلبية يكمن بالحد من التعامل مع هذا العالم الافتراضي، ومراقبة الأبناء في التعامل معه، وتقليل مدد استخدامه، فكثير من الدراسات وحتى القناعات التربوية تؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي سبب رئيس للسلوكات السلبية.