في لحظة ادرك رئيس نظام الحكم في دمشق احمد الشرع أن التوقيت مناسب لقبول اتفاق مع حركة» قسد «.
وكان الاتفاق قد طرح من الحركة ورفضه الشرع، متعذرا بغموض الاتفاق ومقترحاته، وما يفتح العين على مقترحات وبنود الاتفاق. وجاء التطور المفاجئ في موقف الشرع في الاعلان عن الاتفاق مع «حركة قسد» قوات سورية الديمقراطية قبل انعقاد جلسة مجلس الامن الدولي بدعوة امريكية وروسية لبحث الاوضاع في الساحل السوري.
وجاء في الاخبار أن بعثة اممية قد توجهت الى مدن وقرى الساحل السوري لفتح تحقيق في الاحداث الدموية، واستجابة لمطالب اهالي الساحل بحثا عن حماية دولية. وهل جاء توقيع الشرع على الاتفاق مع «قسد» استجابة الى الضغوط الدولية، وامتصاصا للغضب الدولي. واعتبرت مجازر الساحل السوري بمثابة صور لاستعصاء سياسي وعقائدي لدى جماعات جهادية مسلحة، وترفض الانفتاح على الاقليات السورية، وتتعامل مع المجتمع السوري بتنوع مكوناته الدينية والاثنية والعرقية والثقافية وفقا لرؤية عقائدية دينية متطرفة، لا تؤمن بالشراكة والتعددية، والاخر. واتفاق حكومة دمشق مع قسد يأتي ليقول بالرد الضمني المباشر وغير المباشر أن الحكومة منفتحة، وها هي توقع اتفاقا مع أكبر مكون عرقي سوري « الاكراد «، والاخير يحظى بدعم واهتمام امريكي واوروبي. ما حدث في الساحل السوري جلب وابلا من الاتهام الى حكومة دمشق.
صور ومشاهد الساحل السوري الدامية استدعت كثيرا من الاسئلة عن مستقبل سورية، وتصورات لنظام الحكم السياسي، وما هو مصير الاقليات الاثنية والدينية، وما هو مستقبل العلاقة بين مكونات الشعب السوري؟
اليوم، وبعد احداث ومجازر الساحل السوري الدامية، يبدو أن سورية وضعت تحت المجهر الدولي.
وخاصة، أن ثمة تفاهما امريكيا وروسيا حول اوكرانيا، ويقابله تفاهم تركي اوروبي معاكس. ولربما هذا ما يفسر الموقف المتشدد لوزير الخارجية الامريكي من احداث الساحل السوري وصفها بـ» الجريمة الارهابية لمتطرفين دينيين»، والدعوة الى ملاحقة المتورطين في جرائم ومجازر القتل الجماعي .
الموقف الامريكي المتشدد من احداث الساحل السوري يحمل مؤشرات استباقية حول نية واشنطن في رفع العقوبات الاقتصادية والمصرفية عن سورية.
وهذا الموضوع لربما من أشد واهم المواضيع التي تشغل نظام الحكم في دمشق. واكثر حاجة اليوم، وسط صعوبات معقدة تواجه سورية سياسيا وامنيا، واخرى متعلقة بالنظام المصرفي والمالي في ظل العقوبات والحصار الامريكي والغربي.
وأقرب ما يكون التفاهم الامريكي / الروسي دعوة لصيغة تدويل الوضع في سورية، وارسال مبعوثين دوليين لحقوق الانسان وحفط السلام. وهذا التدويل، بلا شك، فانه يريح روسيا، والتي لربما سوف تساوم على اطالة عمر قواعدها في الساحل السوري مقابل عدم تصويتها في مجلس الامن الدولي.
واما اسرائيل، فان تدويل الازمة السورية لن يؤذي مصالحها، ولا يعرض بقاء احتلالها لجنوب سورية لاي خطر يذكر. وفي خصوص اتفاق حكومة « دمشق وقسد «. فان الاتفاق لم يعلن عن محتوى ومضمون الاتفاق.. وهل سوف يشمل شكل مشاركة المكون الكردي ودمجه في مؤسسات الدولة السورية؟
وهل سوف تحافظ القوات الكردية على استقلالها ضمن رؤية لامركزية؟ ام انه سوف يتم اعادة دمجها ضمن قوات الجيش السوري؟ لم يوضح طرفا الاتفاق تفاصيل وافية عنه.
ولربما ما هو أهم على مستوى الموارد النفطية والممرات البرية والجوية التي تسيطر عليها قسد في شرق وجنوب سورية، فما هو مصيرها؟ هل تضم بصيغة اللامركزية الى دمشق، وتحتفط «قسد « بسلطة جزئية، وتقوم قسد في حل تشكيلاتها واعلان ضمها وتبعيتها الى دمشق؟
الاتفاق المعلن مبهم، واشبه ما يكون اعلان نوايا بين حكومة دمشق وقسد. ورغم ما لاقى من ترحيب اعلامي كبير، الا أن ثمة تحفظا سيواجه الاتفاق في عملية وقرار التنفيذ.