ماذا يعني نمو أرباح البنوك؟ هل يعني المزيد من التسهيلات للقطاع الاقتصادي، وبالتالي استمرار العجلة الاقتصادية وضخ السيولة؟ الأرقام تثبت أن القطاع المصرفي الأردني يحتل مكانةً متقدمةً إقليميًا بفضل الإدارة الرشيدة للبنوك والمؤشرات المالية القوية، التي تؤكد استقراره وقدرته على دعم الاقتصاد الوطني.
فقد نمت الموجودات بنسبة 5.6 % لتصل إلى 69.9 مليار دينار، وارتفعت الودائع بنسبة 6.8 % لتبلغ 46.7 مليار دينار، كما زادت التسهيلات الائتمانية بنسبة 4.2 % لتصل إلى 34.8 مليار دينار، وهذه الأرقام تعكس دور البنوك في تحفيز الاستثمار وتوفير التمويل اللازم للقطاعات المختلفة، مما يعزز الاستدامة المالية ويضمن تدفق السيولة إلى السوق المحلي.
البنك المركزي يحرص على إبقاء نسبة السيولة القانونية مرتفعة لضمان استقرار القطاع المصرفي، إذ بلغت 138.8 % في نهاية النصف الأول من العام 2024، متجاوزةً المتطلبات النظامية التي تفرض حدًا أدنى يبلغ 100 %، كما استقرت نسبة كفاية رأس المال عند 17.6 %، وهي نسبة مريحة تتجاوز الحد الأدنى المطلوب، مما يعزز قدرة البنوك على التوسع في الإقراض وتحفيز النشاط الاقتصادي، أما نسبة الديون غير العاملة، فقد ظلت ضمن مستويات منخفضة عند 5.6 %، ما يعكس الإدارة الفعالة للمخاطر الائتمانية ويؤكد متانة القطاع المصرفي.
أما فيما يخص الربحية، فقد ارتفع العائد على حقوق المساهمين (ROE) إلى 9.8 % في نهاية النصف الأول من العام 2024، مقارنة بـ9.3 % في العام 2023، كما بلغ العائد على الموجودات 1.2 % في نهاية النصف الأول من العام 2024، مقارنة
بـ1.1 % في العام 2023، وهذه المؤشرات تعكس كفاءة البنوك في توظيف مواردها وتحقيق أرباح مستدامة، مما يعزز دورها في تمويل المشاريع الإنتاجية ودعم بيئة الأعمال.
وعند تحليل مصادر الأموال، نجد أن ودائع العملاء تمثل 67 % من إجمالي المطلوبات، مما يعكس الثقة الكبيرة التي يضعها المودعون في القطاع المصرفي الأردني، بينما تشكل استثمارات المساهمين نحو 10 % من إجمالي المطلوبات.
أما على صعيد استخدامات الأموال، فتشكل التسهيلات الائتمانية
50 % من إجمالي الموجودات، مما يدل على التزام البنوك بتمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة، كما يتم استثمار 24 % من إجمالي الموجودات في الأوراق المالية، وتشكل الأوراق المالية الحكومية 76 % من هذا الاستثمار، ما يعكس دور البنوك في دعم الاستقرار المالي للدولة والمساهمة في إدارة الدين العام.
أما توزيع أرباح البنوك، فيظهر أن 37 % منها يُعاد استثماره في استخدامات البنوك، سواء من خلال الإقراض أو الاستثمار في الأوراق المالية، مما يعزز النمو الاقتصادي، كما يتم توجيه 11 % من هذه الأرباح كاستثمار أجنبي مباشر، مما يدل على جاذبية الاقتصاد الأردني وقدرته على استقطاب رؤوس الأموال الخارجية. وفي الوقت نفسه، تساهم البنوك في دعم الاقتصاد الوطني من خلال دفع 38 % من أرباحها كضريبة دخل، مما يعزز إيرادات الدولة ويدعم المشاريع الحكومية، أما الجزء المتبقي، الذي يمثل 14 %، فيتم توزيعه كأرباح على المساهمين الأردنيين والأجانب، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحفز المزيد من الاستثمارات في القطاع المصرفي.
إن هذه الأرقام تعكس أهمية القطاع المصرفي الأردني وقدرته على تحقيق التوازن بين الربحية والاستدامة الاقتصادية، فهو لا يقتصر فقط على تحقيق عوائد مالية مرتفعة، بل يسهم في دعم النمو الاقتصادي وتوفير السيولة اللازمة لتحفيز الاستثمار. ومع استمرار الإدارة الرشيدة والرقابة الفعالة، سيظل القطاع المصرفي الأردني إحدى الركائز الأساسية للاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة.