لطالما كانت قضية حقوق المرأة محور جدل واسع، خاصة فيما يتعلق بتطبيق التشريعات الشرعية والقوانين المدنية ، وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته العديد من الدول في تحسين أوضاع المرأة، إلا أن هناك فجوة لا تزال قائمة بين الحقوق النظرية والتطبيق الفعلي، سواء في المحاكم الشرعية أو ضمن القوانين الوضعية ، وهذه الفجوة تجعل من الضروري إعادة النظر في التشريعات لضمان تحقيق العدالة والمساواة ، وجدير بالذكر أن
المحاكم الشرعية تعتمد في أحكامها على الفقه الإسلامي، ولكن تطبيق هذه الأحكام يتأثر بالتفسيرات والاجتهادات المختلفة، ما يؤدي إلى تباين في إنصاف المرأة من دولة إلى أخرى ، ومن أبرز القضايا التي تعاني منها المرأة في المحاكم الشرعية:
1. الطلاق والخلع: فالطلاق في يد الرجل، بينما تواجه المرأة تعقيدات قانونية واجتماعية عند طلب الخلع ، وبعض الأنظمة تشترط تعويضات مالية كبيرة على المرأة عند طلب الخلع، ما يشكل عبئًا إضافيًا عليها.
2. الولاية والوصاية:لا تزال بعض التشريعات تمنع المرأة من تولي الوصاية على أبنائها بعد وفاة الأب، رغم كونها الطرف الأكثر ارتباطًا بتربيتهم ، إضافة لذلك أن بعض الأنظمة تلزم المرأة بالحصول على إذن من وليّ أمرها في بعض الشؤون، مثل الزواج أو السفر، حتى لو كانت راشدة ومستقلة ماديًا.
3. الميراث: رغم أن الشريعة الإسلامية حددت نصيبًا واضحًا للمرأة في الميراث، إلا أن بعض العادات والتقاليد تفرض عليها التنازل عنه لصالح الذكور، في ظل غياب تطبيق صارم للقوانين التي تحمي حقوقها ، و
بعيدًا عن المحاكم الشرعية، تواجه المرأة أيضًا تحديات في القوانين الوضعية، من أبرزها:
1. التمييز في قوانين الأحوال الشخصية:في بعض الدول، لا تزال قوانين الأحوال الشخصية تتضمن تمييزًا ضد المرأة فيما يخص الزواج، الطلاق، وحضانة الأطفال ، فضلاً عن غياب قوانين تجرّم العنف الأسري بشكل واضح أو تضمن حماية المرأة من الانتهاكات الزوجية.
2. ضعف تنفيذ القوانين:حتى في الدول التي أقرّت قوانين تحمي المرأة، هناك فجوة كبيرة في التنفيذ بسبب المعايير الاجتماعية أو ضعف المؤسسات القضائية.
3. المساواة في سوق العمل:
رغم أن القوانين الحديثة تعترف بحق المرأة في العمل، إلا أن المساواة في الأجور والفرص الوظيفية لا تزال غائبة ، وبعض القطاعات تمنع المرأة من الوصول إلى مناصب قيادية، رغم كفاءتها ، كل ما ذكرنا وغيره الكثير يجعلنا
بحاجة إلى إصلاح شامل ، و
إعادة النظر في حقوق المرأة ، من خلال إصلاح القوانين لضمان التوازن بين النصوص الشرعية ومتطلبات العصر، بحيث يتم وضع تشريعات تحمي حقوق المرأة بشكل عملي بعيدًا عن التفسيرات الضيقة ، فضلاً عن تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حقوق المرأة وعدم ربطها بمفاهيم تقليدية تعيق تقدمها ، وكذلك تفعيل دور القضاء لضمان تنفيذ القوانين بعدالة دون تمييز ، بالتزامن مع تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال دعمها في سوق العمل وتعزيز استقلاليتها المالية ، ويبقى ضمان حقوق المرأة ليس ترفًا قانونيًا، بل هو ضرورة مجتمعية لضمان العدل والتوازن ، والتعديلات التشريعية وحدها لا تكفي، بل لا بد من تغيير حقيقي في التطبيقات القانونية والاجتماعية لضمان أن تحصل المرأة على حقوقها الكاملة دون انتقاص. ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .