زاد الاردن الاخباري -
في فبراير/شباط 2025، أعلنت الحكومة الفرنسية استعدادها لاستخدام أسلحتها النووية للمساعدة في حماية أوروبا، وخاصة عبر إرسال طائرات مقاتلة فرنسية مسلحة بقنابل نووية إلى ألمانيا إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها من القارة، يأتي ذلك وسط مخاوف من أن الولايات المتحدة، تحت قيادة الرئيس ترامب، أصبحت أقل اهتماما وحرصا على الأمن الأوروبي.
وبحسب التلغراف، ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه الأفكار مع فريدرش ميرتس، المستشار الألماني المحتمل، قبل اجتماعه (ماكرون) مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض، في قمة عُقدت مؤخرا بمناسبة الذكرى الثالثة للحرب في أوكرانيا، ألمح ترامب خلالها إلى أن الولايات المتحدة قد تتوقف عن تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام.
لطالما ضمنت الولايات المتحدة أمن أوروبا بنحو 100 صاروخ نووي متمركز في ألمانيا، بينما تحتفظ فرنسا برادع نووي مستقل بترسانة من نحو 300 سلاح نووي، كما يلعب النظام النووي للمملكة المتحدة، المعروف باسم "ترايدنت"، دورا رئيسيا في إستراتيجية الدفاع النووي لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
تغير ثوري
لكن هل يكفي ذلك؟ في السنوات الأخيرة، خضعت البيئة الأمنية في أوروبا لتحول جذري. ومع إعادة تغيير الولايات المتحدة بشكل متزايد لأولوياتها الإستراتيجية العالمية (لغرض صد التصاعد الصيني)، وتراجعها عن دورها التقليدي بصفتها ضامنا لأمن أوروبا، تعيد بلدان القارة النظر في إستراتيجياتها الدفاعية.
ولا يوجد مكان يتجلى فيه هذا التحول بوضوح كفرنسا. فمع شروع الجيش الفرنسي في برنامج تحديث طموح، لا تعمل البلاد على تعزيز دفاعها الوطني فحسب، بل تمهد الطريق أيضا لإطار أمني أوروبي أكثر استقلالية.
وفق هذا الإطار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل متكرر إلى بناء "أوروبا المستقلة إستراتيجيا"، بمعنى أن تصبح القارة الأوروبية كتلة يمكنها الاهتمام باحتياجاتها الأمنية دون الاعتماد المفرط على الدعم الأميركي.
ورؤية ماكرون هذه تدعو إلى التالي: إذا كانت الولايات المتحدة مشغولة بالتحول نحو آسيا، فيجب على أوروبا أن تتدخل لسد الفجوة التي تخلّفها الولايات المتحدة بانسحابها التدريجي.
أما فكرة الاستقلال الإستراتيجي هذه، فليست غريبة على فرنسا. إذ تتمتع البلاد بتقليد طويل في تنمية سياسة دفاعية مستقلة.
في عام 1966، تصدر الرئيس شارل ديغول عناوين الأخبار بسحب فرنسا من القيادة العسكرية المتكاملة لحلف شمال الأطلسي. وبينما ظلت فرنسا عضوا في حلف شمال الأطلسي، فقد أكدت هذه الخطوة التزامها بتطوير قدرة دفاعية مستقلة.
ومنذ ذلك الحين، استثمرت فرنسا باستمرار في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وحافظت على رادع نووي قوي. كان مفهوم "القوة الضاربة" حجر الزاوية في سياسة الدفاع الفرنسية، مما يضمن أن تظل البلاد قادرة على الدفاع عن مصالحها حتى عندما لا يكون الحلفاء حاضرين على الفور في ساحة المعركة.