زاد الاردن الاخباري -
تختزل أسقف مسجد خرجا القديم شمالي مدينة إربد، المبنية من القصيب وخشب الكينا، ذاكرة تاريخية تمتد منذ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه والصحابة من فاتحي بلاد الشام.
ويشهد المسجد وأرضه القائم عليها على تاريخ غارق في القدم؛ إذ تشير المصادر التاريخية إلى أنه كان معبداً منذ العهد اليوناني، كما استخدمه الرومان لشؤون أخرى قبل أن يتخذه المسلمون مسجداً بعد معركة اليرموك في السنة 15 للهجرة، لتقام فيه الصلوات وتعقد فيه حلقات الذكر والعلم.
ووفق الباحث والمؤرخ في التراث الشعبي ورئيس لجنة ترميم المسجد أحمد شريف الزعبي، فإن مسجد خرجا العمري يعتبر من أقدم المساجد التي أمر ببنائها الخليفة عمر بن الخطاب في قرى وبلدات بلاد الشام، ولا يزال معلما دينيا وتاريخيا يخدم سكان البلدة، مشيرا إلى أن بعض أعمدة المسجد وحجارته، وجد عليها رسومات يونانية للشمس؛ مما يدل على أهميته التاريخية والتراثية.
وأشار إلى أن المسجد تعرض للهدم والبناء عدة مرات، بعد عهد الخلافة الإسلامية، بفعل عوامل طبيعية وغيرها وجرى بناؤه على أنقاض عدة مساجد في تلك الفترة، إلى أن تمت إعادة بنائه في العهد العثماني نهاية القرن التاسع عشر، كما عمل أهالي خرجا على صيانته عام 1923 باستخدام أعمدته الأثرية القديمة وتيجانها التي خلفها المكان وبالحجر المشذب والطين والقصيب وخشب الكينا الذي أحضروه من منطقة طبريا في فلسطين، وحافظ البناء على نظام هندسة العقود القديمة كما هو طابع العمارة العثمانية آنذاك.
وقال الزعبي، إن المسجد بقي يؤدي دوره كمسجد للعبادة وكدار للكتاتيب حتى قيل، إن بلدة خرجا لم تعرف الأمية في تاريخها بفضل هذا المسجد وقدسيته، إلى أن تم بناء المسجد الكبير في البلدة حيث جرى هجر المسجد القديم منذ العام 1978 لنحو 40 عاما.
وبين أن أهالي خرجا تداعوا لإعادة الحياة للمسجد الذي يحتل في ذاكرتهم الشعبية مكانة كبيرة؛ حيث عمدوا بتبرع كريم من أحد أبناء البلدة بمشروع ترميم المسجد عام 2017 بتكلفة بلغت 60 ألف دينار، ليعود المسجد يصدح بالأذان وتقام فيه الصلوات بعد غياب طويل.
وأوضح أن ترميم المسجد أبقى على الصبغة القديمة ذاتها للمسجد، حيث استبدل القصيب القديم المستخدم في أسقفه بقصيب جديد تم تأمينه من مناطق الأغوار. واستخدمت فيه 10 آلاف رمح قصيب، فيما تم استخدام أخشاب الكينا القديمة ذاتها في المسجد المعروفة بالصلابة والمقاومة للتسوس في تدعيم تلك الأسقف، إلى جانب تأثيثه بمنبر خشبي وسجاد عجمي وإنارته وتوسعة ساحاته وتسويره، بما يليق بمكانته الدينية والتعليمية.
وأشار الزعبي إلى أن مسجد خرجا القديم البالغة مساحته 150 مترا يكاد يكون الوحيد في المملكة الذي لا تزال أسقفه التراثية من الخشب والقصيب إلى جانب مكانته في تراث أجيال المنطقة الذين تتلمذ أجدادها في كتاتيب المسجد، وهو لا يزال يعبق بالأصالة، وتروي أركانه وحجارته تاريخا يمتد لمئات السنين.