زاد الاردن الاخباري -
على مدار العقد الماضي، رصد العلماء ظاهرة غامضة: نبضات راديوية قادمة من داخل مجرة درب التبانة، تتكرر كل ساعتين مثل نبضات قلب كونية. استمرت هذه الانفجارات الراديوية الطويلة بين 30 و90 ثانية، ويبدو أنها قادمة من اتجاه كوكبة الدب الأكبر، حيث يقع نجم "الدب الأكبر".
الآن، تمكن علماء الفلك من تحديد المصدر المفاجئ لهذه النبضات الراديوية غير العادية: نجم ميت يُعرف باسم القزم الأبيض، يدور عن قرب حول نجم قزم أحمر صغير وبارد. الأقزام الحمراء هي النوع الأكثر شيوعًا من النجوم في الكون.
يدور هذان النجمان، المعروفان معًا باسم ILTJ1101، حول بعضهما البعض بمسافة قريبة جدًا، مما يؤدي إلى تفاعل مجالاتهما المغناطيسية وإطلاق ما يُعرف باسم "الانفجار الراديوي الطويل المدة" (LPT). في السابق، كانت هذه النبضات تُعزى فقط إلى النجوم النيوترونية، وهي بقايا كثيفة ناتجة عن انفجارات نجمية ضخمة.
لكن هذا الاكتشاف، الذي نُشر في دراسة يوم الأربعاء في مجلة Nature Astronomy، يكشف أن حركة النجوم ضمن أنظمة ثنائية يمكن أن تؤدي أيضًا إلى ظهور هذه النبضات الراديوية النادرة.
وقالت الدكتورة إيريس دي روتر، المؤلفة الرئيسية للدراسة وزميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة سيدني بأستراليا:
"لقد حددنا لأول مرة النجوم التي تنتج النبضات الراديوية في فئة جديدة غامضة من ’الانفجارات الراديوية الطويلة المدة‘."
ويؤكد علماء الفلك أن هذه الملاحظات غير المسبوقة لهذه الانفجارات الراديوية الساطعة والطويلة من هذا النظام النجمي الثنائي ليست سوى البداية. فقد يساعد هذا الاكتشاف العلماء في فهم الأنواع المختلفة من النجوم القادرة على إنتاج وإرسال النبضات الراديوية عبر الكون — وفي هذه الحالة، كشف تاريخ وديناميكيات نجمين متشابكين في رقصة نجمية.
حل لغز درب التبانة
للكشف عن هذا اللغز، طورت دي روتر طريقة لتحديد النبضات الراديوية التي تستمر لثوانٍ أو دقائق، بالاستعانة بأرشيف بيانات تلسكوب LOFAR، وهو شبكة من التلسكوبات الراديوية المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا، والتي تعمل على أدنى الترددات التي يمكن التقاطها من الأرض.
أثناء دراستها في جامعة أمستردام، اكتشفت دي روتر نبضة واحدة في بيانات رصد تعود لعام 2015. ثم، بعد التركيز على نفس المنطقة من السماء، وجدت ست نبضات أخرى، بدا أنها جميعًا تنبعث من نجم قزم أحمر خافت. لكن دي روتر لم تعتقد أن القزم الأحمر قادر على إنتاج موجات راديوية بمفرده، مما يعني أن هناك عاملاً آخر يتسبب في هذه النبضات.
تختلف هذه النبضات عن الانفجارات الراديوية السريعة (FRBs)، وهي ومضات قصيرة للغاية من الموجات الراديوية تدوم أجزاءً من الألف من الثانية. معظم هذه الانفجارات السريعة تأتي من خارج مجرتنا، وبعضها يتكرر، بينما يبدو أن العديد منها حدث لمرة واحدة فقط. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانفجارات الراديوية السريعة أكثر لمعانًا بكثير من هذه النبضات الطويلة المدة.