في ظل التطورات الأخيرة في الساحة السورية، برز اتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في مؤسسات الدولة السورية كخطوة محورية نحو إعادة توحيد البلاد تحت سلطة مركزية .
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل الاستقرار الداخلي، خاصة أن قوات "قسد" تُعرف بولائها ودعمها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعل اندماجها الكامل في مؤسسات الدولة تحدياً سياسياً وأمنياً، وسلاح ذو حدين .
يأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه الساحة الدولية والإقليمية توافقاً ودعم واضح للرئاسة السورية الجديدة من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي .
ورغم ما يبدو أنه إجماع دولي على استقرار سوريا بعد هذه المرحلة، فإن المخاوف تظل قائمة من إمكانية حدوث انقسامات داخلية بين الفصائل التي قاتلت مع المعارضة أو التي شاركت في إسقاط النظام ، إذ إن هذه القوى التي شعرت بأنها قدمت تضحيات كبيرة قد ترى في نفسها صاحبة حق في المشاركة الفاعلة في صنع القرار، مما يجعل احتمال تهميشها مدعاةً لاضطرابات داخلية .
إن استقرار سوريا في الفترة المقبلة يتطلب إدارة حكيمة تأخذ بعين الاعتبار كافة الأطراف الفاعلة على الأرض، مع ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية لضمان عدم هيمنة أي طرف على حساب الآخر .
كما أن الحوار الوطني الشامل يظل ضرورة ملحة لتجاوز العقبات المحتملة وتجنب أي انفجار داخلي جديد .
علاوة على ذلك، فإن المجتمع الدولي والدول الداعمة يجب أن يقدموا ضمانات واضحة تحول دون تكرار سيناريو الانقلابات أو التفكك، وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، لا بد من وضع استراتيجية تنموية شاملة تضمن تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي ويحول دون استغلال الأزمات لتأجيج الفتن من جديد .
في الختام، على الحكومة السورية الجديدة أن تتعامل بواقعية مع تحديات المرحلة القادمة، واضعة نصب أعينها أن النجاح في تحقيق استقرار دائم لا يكمن فقط في السيطرة العسكرية، بل في القدرة على بناء توافق سياسي واجتماعي يضمن مشاركة جميع الأطراف ويحول دون تكرار المآسي السابقة .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي