أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الاحتلال يحتجز مدير وطاقم مستشفى كمال عدوان ويقتادهم للتحقيق محاكمة أميركي بتهمة نقل تكنولوجيا قاتلة لإيران 40 شهيدا وحرق مستشفى كمال عدوان تقرير: ميزانية إسرائيل لعام 2024 تواجه عجزاً قياسياً خبير أردني يدعو لإطلاق الأرانب في الصحراء الاحتلال الإسرائيلي يعتقل مدير الدفاع المدني في محافظة شمال غزة شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مخيم المغازي ومواصي رفح وفاة أردنيين بحادث سير بأميركا بدء تشغيل المسار الجديد للباص سريع التردد (عمان-الزرقاء) الأحد إعلام إسرائيلي: تل أبيب تخطط لعمليات واسعة ضد الحوثيين الأردن .. استقرار الذهب لليوم السابع على التوالي مجلس النواب يناقش تقرير ديوان المحاسبة الاثنين طهبوب تسأل حسان عن إنجاز حكومته بعد 100 يوم السبت .. طقس بارد إجمالا وفرصة لزخات أمطار الفريق العدوان يكتب: حذارِ أن ينامَ الأردنّ والخطرُ مستيقظٌ .. ! “رغبة توسعية” .. ترامب يطلق أمنيات “مثيرة” في أعياد الميلاد إخوان الأردن و«تجميل» الثورة السورية: وقف حرب الكبتاغون وتصدير الكهرباء ومكاسب أخرى 719 مليون دينار أرصدة مستحقة للضمان على المنشآت مستشفى كمال عدوان في جباليا خارج الخدمة .. ومصير طاقمه مجهول (شاهد) فيفا يصف إنجازات النشامى في 2024 بالاستثنائية
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام التصادم بين الرغبوي والموضوعي

التصادم بين الرغبوي والموضوعي

19-12-2011 04:34 PM

التطورات المتلاحقة في الوضع العربي، والانقلابات السريعة في صوره ومشاهده وموازينه، واندحار ''العادي'' والمعتاد، مقابل الحضور الطاغي للمستبعد والمستهجن لكل ما هو خارج مخيال آليات فعل وعمل عقول محتكري ومغتصبي الحقيقة الوهمية والواهية، يثير اليوم مخاوف جدية من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم عن التعارض الحاد بين نمطي التفكير الرغبوي والموضوعي.

وموضوعيا ايضا يجب الاقرار بان اهل هذه المناطق - حيث يحلو للكثيرين ان يضعوهم خارج السياق التاريخي لانبثاق وجودهم تعلقا بانتصار دورة اخرين، وتهربا من استحقاقات اعادة دورة الانتصار لتصلهم – هم كباقي سكنة الارض والتاريخ بصورة عامة، بيد ان خصوصيتهم قد ترجح صفة لهم على حساب اخرى، اقل اواكثر سوء عند الاخرين، كانعكاس موضوعي لاشياء تمايز الوجود، ثقافة وجغرافيا بصورة خاصة.

وانظلاقا من هذا البعد بالذات، يمكن الاستدلال على حقيقة ان المطارحات الفكرية العربية تتصف عموما بالتعارض القوي بين ما موضوعي وما هو اسقاطي ورغبوي، كنتاج لتضخم ثقافة الانا وقدسيتها وضعف ثقافة الاعتراف بامكانية الوقوع بالخطأ، تهربا من تحمل المسؤولية عبر اشاعة عادة الاخذ بالكل او ترك الكل.

ففي التاريخ العربي الإسلامي على سبيل المثال، لم نتأكد بعد من أن أسباب تيارات الإمساك عن الخوض في ما وقع من خلافات وصراعات خاصة في صدر الإسلام بين المسلمين، مرده الإيمان المبرهن عليه بوقوع ذلك في إطار ألعقيدي المقدس الذي يكون خارج نطاق مقدرة التفكير به، أم انه محاولة للتهرب من إعادة محاكاة الواقع نقديا، والوقوف على حجم الخطأ في الممارسة والتطبيق من قبل اناس بعينهم كبشر لهم أهواؤهم ورغباتهم وشهواتهم، التي تتجاوز قدرة الانصياع للمبدأ والخُلق.

وفي كلتا الحالتين كانت النتيجة ان ترعرعت فينا ثقافة التأويل المنفلت من اية قواعد ادراك موضوعية، والتي عادة ما تخلط في نفس الوقت بصور مريعة بين الرغبة والخيال، في محاولة بائسة لاضفاء قدر كبير من لا شرعية الرأي الاخر لاقصائه استباقا لاي تمثل واقعي لذلك الفكر من قبل متبنيه ومريديه ومؤيديه.

وشهدت وقائع التاريخ صراعا عنيفا، كان ينبع بصورة دائمة من ممانعي اي تغيير وفقا لاستنتاجات اساسها التفكير الرغبوي في ابقاء الوضع القائم على ما هو عليه، او العكس في حال الرغبة في التغيير القسري الذي لا يجد اساسه في متغيرات بنية الواقع، كما شهد التاريخ فشلا ذريعا وسقوطا مدويا لتجارب وسياسات قامت على سيل من المبالغات الخطابية والاستباق والشطط والتهويم، كعناصر في بنية التفكير الرغبوي التي تنعكس ضرورة في طبيعة سرديات خطاب اصحاب ذلك التفكير للتحشيد والتعبئة دفعا بالامور الى المواجهة والصراع.

والحقيقة ان واقع صورة الحال العربي الراهن، واقع ما بعد الثورات العربية، ينطوي على الكثير من خصائص سيادة التفكير الرغبوي ان من قبل بقايا الانظمة التي انهارت، او المعارضات الضعيفة التي تعتقد ان الصورة التي يجب ان يكون عليها واقع التغيير هي الصورة المتخيلة، لا صورة الواقع القائم كحاصل نتيجة لموازين القوى الاجتماعية على الارض.

وهذة الرغبة في اعادة انتاج واقع وهمي هي التي تقف وراء سلسلة من التصورات الواهية والواهمة لتفسير الواقع الجديد، وتقف حائلا دون انخراط اصحابها في عملية البناء التغييري الذي قد بدأ لتوه او انه سيبدأ عما قليل، وربما تدفع في بعض الاحيان للوقوع في ارتكاب ممارسات اكثر من خاطئة قد يتسبب تراكمها في تعريض التغيير الثوري برمته للانتكاس ووضعه في موضع خطر محدق به، هذا الى جانب تعريض السلم الاهلي للانزلاق.

وتتبدى مخاطر التفكير الرغبوي اكثر من اي وقت سابق خلال فترات التغيير والانتقال من وضع الى اخر، حيث تبدو امكانية اعادة التموضع داخل خارطة القوى الاجتماعية الجديدة وعلى محور الصراع على السلطة اسهل بكثير مقارنة بالوضع السابق والوضع اللاحق حيث سيتسبب تمركز القوى الاجتماعية بصورة شبه نهائية في صعوبات بالغة في اعادة مراجعتها باقرب الاجال.

وحيث تتسارع في هذه الفترات خطى اصحاب التفكير الرغبوي في محاولة اعادة انتاج الواقع مجددا، بدء بالتشكيك في شرعية خطاب الاخر عبر خطاب مضاد، لن ينتج تغييرا في غالب الاحيان الامر الذي يدفع للانتقال بالمعارضة الى مستويات متفاوته ولكنها اعمق من اعاقة اعمال الطرف الاخر، فان هذا الاخير قد يجد نفسه في موقع رد فعل اكثر عنفا وقوة يأخذ الوضع الى منحدرات غير مريحة.

فالتفكير الرغبوي ينتج خطابا تشويهيا وتضخيميا محموما، يعمل في اطار استنتاجات فورية وجاهزة، وتصورات ومقاربات وتحليلات محفوظة دائما في الذاكرة المرجعية للجماعة الرغبوية بغض النظر عن طبيعة الحدث، اذ تتساوى شدة الاحداث عند هذه الجماعات رغم تفاوتها الواقعي لا لشيء الا لانها تتعلق بخصم محدد. الامر الذي يؤدي عادة إلى الانحراف بمعالجة أي موضوع نحو نمطية عدمية، تكشف عن صورة بائسة للرغبويين امام خصومهم مما يشجع هؤلاء على الانخراط في عمل مضاد، تكراره قد يدخل الحالة الوطنية برمتها في متاهة.

ففي تونس وعلى الرغم من انجاز الثالث والعشرين من اكتوبر الذي ابهر العالم واكد بما لا يدع مجالا للشك الطبيعة المدنية للمجتمع والدولة، والعزم الاكيد من قبل كافة القوى السياسية على الاحتكام الى صناديق الاقتراع لنيل شرعية ادارة الدولة والمجتمع، وعلى الرغم من النتائج التي لم تأت بالكثير من المفاجآت، او انها لم تحمل مفاجئة ذات بال لكل من راقب الايقاع السياسي لاسابيع ما قبل افتتاح مراكز الاقتراع، على الرغم من كل ذلك فان المفاجئة كانت هي الظهور السريع لملامح التفكير الرغبوي في تصوير الحقيقة الواقعية كما لو كانت غير تلك التي اظهرتها نتائج صناديق الاقتراع.

ومن بين اغرب وسائل تأكيد تمكن ذلك الاسلوب الاسقاطي في معامله الواقع من قبل بعض القوى السياسية، هي طريقة احتساب النسب الماؤية لكل حزب من تلك التي شاركت في العملية الانتخابية، للخروج باستنتاج ان الشرعية الحقيقية لا زالت ضائعة، او انها من نصيب من يطلق عليهم بالاغلبية الصامتة، وكأن العملية الانتحابية التونسية استثناء سلبيا بين التجارب الانتخابية العالمية، فيما هي في حقيقة الامر استثناء ايجابيا على كل المستويات بما فيها نسب الاغلبية الصامته حيث كانت الاقل بمختلف المقاييس.

وفي المقابل فانه لا يمكن نفي ان سير عمل بعض لجان المجلس التأسيسي كلجنة التنظيم المؤقت للسلط العمومية ومن خلال مشروع القانون المنظم لهذه السلط قد عكس هو الاخر نمطا من انماط التفكير الرغبوي الذي لا يراعي خصائص المرحلة والتجربة بحد ذاتها في ظل غياب حقيقي لحياة سياسية يمكن الاعتداد بها.

اما في مصر فاحتمال انزلاق البلاد الى مواجهة بين قوى الثورة والجيش، بات احتمالا واردا، بعد ان تجاوز الجيش حقائق واسباب اندلاع الثورة وهو ما دفع الفاينانشيال تايمز للقول انه منذ تنحى الديكتاتور بدأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى التصرف بطريقة توحى بشكل غير مريح بالعودة إلى النظام القديم، وقالت ان المثل الأوضح على هذا جاء من خلال ما اقترحه الجيش من مبادئ فوق دستورية تجعله غير خاضع للرقابة المدنية وتسمح له بالتدخل فى السياسة حتى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية"، لتخلص للتأكيد على ان ذلك يتناقض مع المبادئ التى جاءت الثورة من أجلها.

واكدت احداث الاسبوعين الماضيين، واصرار المجلس العسكري على وضع كمال الجنزوري على رأس الحكومة المصرية خلفا لعصام شرف، وازمة تعيين أسامة هيكل وزيرا للاعلام على طبيعة التفكير في التعامل مع الثورة الذي يعكس اصرارا على تجاهل اسباب اندلاعها والتعامل مع نتائجها كما لو انها لم تقع اساسا.

كما لعب ''الاخوان المسلمين'' من منطلقات التفكير الرغبوي في الاستئثار دورا خطيرا وصفه روبرت فيسك بالخطأ، اذ اتصفت علاقتهم بالمجلس العسكري بالاشهر الماضية بالحميمية مما اتاح للعسكر تفتيت القوى السياسية الاخرى والالتفاف على الثورة نفسها عندما بدأت تلوح في الافق امكانية تأجيل الانتخابات التشريعية، وهي الشرارة التي الهبت نيران الخلاف بين الطرفين واعادت الاخوان مجددا للشارع قبل ان يعودوا الى سيرتهم الاولى بعد المليونية الثانية.

وقال فيسك في اخر مقال له هذا الاسبوع عن ميدان التحرير إنه برغم وجود الآلاف يوميا، والدعوة لمليونية الجمعة، فإن انتخابات الاثنين والثلاثاء بدأت تثير شكوكا حول "من يمثل مصر الآن؟"، متسائلاً: "الثوار العلمانيون فى التحرير أم القائمة المتزايدة من المرشحين الإسلاميين ، وأكد على استثناء وحيد فيمن يمثل مصر بقوله: "بالتأكيد ليس المشير حسين الطنطاوى .

وشكك فيسك فى مجادلة البعض بأن المجلس العسكري سيصطدم بالإخوان المسلمين، لأنه لا يريد تسليم السلطة، ويريد الحكم من وراء ستار، وهو رأي يتردد صداه في مختلف الصحف المصري التي رأت أن حكومة الجنزوري هي حكومة «إغراق الثورة» وان على الشعب الذى قدم درس 25 يناير ، ثم خرج فى موجة ثانية من الثورة بدأت من 19 نوفمبر ولا تزال مستمرة حتى الآن، ان يستعد لمواجهة وحشية المتربصين بثورته.وهذا نموذج على نتائج التعارض بين منهجي التعامل الرغبوي في تشويه الواقع، والتعامل الموضوعي في الاستجابة لمتطلبات الواقع وان التعارض بينهما يعني الانزلاق نحو المواجهة.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع