في تصعيد خطير يؤكد نوايا الاحتلال الإسرائيلي في مواصلة حرب الإبادة ضد قطاع غزة، شنّت قواته هجوماً واسعاً على منشآت حكومية وبلدية وبُنى تحتية، بزعم ارتباطها بحركة "حماس" ، هذه الموجة الجديدة من القصف لم تأتِ فقط ضمن سياق استهداف القيادات العسكرية للحركة، بل وفق خطة إسرائيلية ممنهجة لضرب القيادة المدنية وإضعاف قدرتها على إدارة شؤون القطاع، في خطوة تعكس تحولاً خطيراً في استراتيجيات الحرب الإسرائيلية ضد غزة ، و
بحسب ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يسعى إلى تغيير مسار القتال عبر تركيز الهجمات على القيادات المدنية لـ"حماس"، وليس فقط على جناحها العسكري ، ويأتي هذا التوجه في إطار محاولة الاحتلال تعطيل إدارة شؤون القطاع، وإحداث فراغ أمني يُمكّن "العشائر المسلحة" من الحلول محل الحركة ، ويعكس هذا التحرك قناعة الاحتلال بأن تدمير قدرات "حماس" على الحكم قد يكون أكثر فاعلية من القضاء على قوتها العسكرية وحدها ، ووفق الصحيفة ذاتها، فإن الخطوة التالية في هذه الحرب قد تتضمن تصعيداً جوياً واسع النطاق، يتزامن مع تنفيذ خطة رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، لشنّ عملية برية كبرى داخل قطاع غزة ، وقد أوضح زامير خلال مناقشات عسكرية أن نجاح هذه العملية يتطلب تعبئة فرق عسكرية عدة واستدعاء واسع النطاق لقوات الاحتياط، وهو قرار يحمل في طياته تداعيات داخلية خطيرة، في ظل غياب الإجماع الإسرائيلي بشأن العودة إلى الحرب ، وفي سياق تنفيذ هذه الاستراتيجية، كشفت صحيفة "معاريف" أن الاحتلال لجأ إلى "خدعة استخباراتية" أعدّها جهاز الأمن العام (الشاباك) بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية ، حيث استغل الإسرائيليون توقيت وجبة السحور في شهر رمضان، إذ تم تحديد أماكن تواجد قادة "حماس" استناداً إلى رصد نمط حياتهم خلال هذا الشهر ، وعند الساعة 2:20 فجراً، نفّذ الاحتلال ضربة جوية منسقة شملت مئات القنابل التي ألقتها عشرات الطائرات والمُسيّرات، مستهدفة المواقع التي حدّدها الشاباك مسبقاً ، وإن اللجوء إلى استهداف القيادة المدنية، إلى جانب الاستغلال الواضح لشهر رمضان من أجل تنفيذ هجمات مباغتة، يسلّط الضوء على وحشية الاحتلال وسعيه إلى كسر أي محاولة لإدارة شؤون الحياة في غزة ، وهذا التصعيد، الذي ينتهك بوضوح القوانين الدولية، ويعكس استراتيجية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى تحويل القطاع إلى حالة من الفوضى الدائمة، بينما يواصل المجتمع الدولي التزام الصمت حيال هذه الجرائم التي تستهدف المدنيين دون تمييز ، ولكن : إلى أين تتجه الحرب؟
مع استمرار الاحتلال في تطوير استراتيجياته العدوانية، وإصراره على تدمير أي بنية إدارية في غزة، فإن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه: هل يستطيع الاحتلال بالفعل تحقيق أهدافه بخلق فراغ في الحكم؟ أم أن هذه السياسات ستؤدي إلى نتائج عكسية تزيد من صمود الفلسطينيين وتكرّس المقاومة كخيار وحيد في وجه العدوان؟ ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .