إن قيادة الملك منحت شعبها هامشا واسعا من الحرية جعلت السماء سقفا لها، إن معظم ابناء الشعب الأردني ان لم يكن كله على الإطلاق بمختلف مشاربه واتجاهاته ومنابته، قدّروا للملك هذه اللفتة الكريمة التي هي واحدة من قائمة طويلة من المكرمات الملكية، فتعاملوا معها بمسؤولية ومهنية متحضرة الا ما ندر . . وعندما انطلقت المسيرات المنادية بالإصلاح استقبلت بصدور رحبة من قبل الجانب الرسمي وذلك بناء على التوجيهات الملكية السامية بإتاحة الفرصة والمجال لكل مواطن للتعبير عن رأيه وعما يجول في خاطره من افكار تستهدف الاصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي وخلافه، ومن هنا جاءت الدعوة من كل عقلاء الوطن بضرورة المحافظة على الهدوء والنظام ومقدرات البلد ومكتسباته .
إن هذا الوطن الغالي لم يقم إلا بتضحيات وجهود الآباء المؤسسين، الذين بذلوا الغالي والنفيس لقيام الأردن، والنهوض بها، فبذروا بذرته، فخرجت شجرة باسقة يانعة الثمار، بعد أن سقوها بماء الكد والتعب، وحمل الراية من بعدهم قادة أفذاذ، سهروا الليل والنهار لرقيه وإزدهاره، فكانوا خير خلف لخير سلف، فمن الواجب علينا جميعا المحافظة على هذا الوطن، ليستكمل مسيرته المشرقة.
إن أمانة الوطن تبدأ من الإلتفاف حول القيادة الحكيمة، ولاء وإنتماء، وطاعة وإستجابة، فمن نعم الله علينا أن وهبنا قائدا لا مثيل له، فهو قدوة في أخلاقة، ونموذجا في تفانيه في خدمة وطنه وشعبه، وتوفير أرقى سبل العيش لهم، وقد جعل ذلك على رأس أولويات جلالته، وترجمه واقعا عمليا، حتى أصبح أبناء الإردن من أعلى الشعوب في مؤشرات الثقافة والوعي والإدراك.
وما زالت جهود جلالته متواصلة بلا كلل ولا ملل للصعود بالإردن في آفاق الصدارة، لا ترضى بديلا عن المرتبة الأولى في مختلف المجالات، فمن الواجب علينا أن نؤازر جلالته ونعمل معه في ظله متكاتفين متلاحمين لخير حاضرنا ورقي مستقبلنا.
ومن أمانة الوطن إشاعة السلوكيات الإيجابية في المجتمع، وخاصة السلوكيات التي تترجم قيم الخير والوئام والتعايش والتسامح والمثل العليا التي غرسها الملك الحسين طيب الله ثراه، في التحلي بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، لتصبح المملكة واحة خضراء لأهلها والمقيمين عليها.
وتكمن أمانة الوطن في تسخير الأقلام في خدمته، من قبل العلماء والأدباء والمثقفين والإعلاميين، فتأثير الكلمة اليوم كبير، وسلاح القلم لا يقل أهمية عن أي سلاح آخر، وخاصة في ظل بروز أدوات التواصل الإجتماعي، التي أصبحت منصات كبرى للتعبير وإيصال المعلومة، و دورها في التأثير والتغيير، مع سرعة إنتشار الكلمة عبرها، وتركيز الأعين عليها، فتجدر أن تكون هذه المواقع منصات للإشادة بالوطن، والإعتزاز بإنجازاته، والدفاع عنه، وصد السهام المسمومة عنه.
إن خير من يؤدي أمانة الوطن هم القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية و الإستخباربة، الذين هم دروع هذا الوطن، والأعين الساهرة عليه، إن جنود الأردن البواسل هم خير قدوة في هذا الباب، فقد حملوا راية الوطن خفاقة، وأدوا أمانة الوطن كاملة غير منقوصة، وقدموا في ذلك كوكبة من الشهداء الأبرار، الذين لبوا نداء الواجب، وقدموا أرواحهم في ميادين الشرف والفداء.
إن الناظر اليوم في أحوال المجتمعات التي حولنا، وما تعاني من كوارث وويلات ليدرك تماما ضرورة المحافظة على الوطن.
وما ينجم عن ذلك من خير عظيم، فبالمحافظة على الوطن ينعم الإنسان بالإستقرار والأمان، ويهنأ بالراحة والإطمئنان، لا تؤرقه مخاوف الفتن، ولا تطارده كوابيس الحروب، وإن الوطن سفينة تقل الجميع، ومن واجب الجميع المحافظة عليها، لتبحر بسلام إلى بر الأمان، بتقدم وإزدهار، متألقة مزدانة، لا تهددها عواصف، ولا تعترض طريقها اهوال وأمواج.
وإن أعداء الأوطان يحرصون كل الحرص على هدم القيم الوطنية، باستخدام معاول مختلفة، لعل أبرزها، الدعاوى الزائفة التي تهدم الأوطان، وتدمرالشعوب، تحت شعارات براقة، كالثورات المقنعة بكلمات الحرية والكرامة غيرها، وما أن تهب هذه الثورات حتى لا تبقي ولا تذر.
ويصبح الإنسان مهددا في وجوده، لا يكاد يجد متطلباته الأساسية، ومن المعاول الهدامة إختراع أوطان زائفة بديلة، كما تفعله التنظيمات المتطرفة، التي تعتبر التنظيم هو الوطن، فتخدع بذلك الأتباع، وتزج بهم في جرائمها الإرهابية الحارقة، ومن المعاول الهدامة الإشاعات المغرضة والأكاذيب الباطلة التي تحبط الهمم وتقتل النفوس.
إن الأردن قيادة وشعبا ضربت أروع الأمثلة في أداء أمانة الوطن، باتحادها، وتكاتف قيادتها، وتآزر شعبها، وأكدت للقاصي والداني أنها حصن حصين، عصية على الحاقدين، تتقدم ركب الحضارة والريادة، فكل فرد في هذا الوطن جنديا مخلصا لوطنه، يفتديه بالغالي والنفيس، فهو بيته الصائن لمجده وكرامته.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي