في خطوة تعكس تنامي الوعي السياسي والشعبي في الأردن تجاه القضية الفلسطينية، عقد "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن" مؤتمرًا صحفيًا حمل عنوانًا عميق الدلالة ، "الأمة في خطر: نكون أو لا نكون" ، وجاء هذا المؤتمر ليؤكد على موقف الأحزاب والقوى الوطنية الأردنية الحازم في دعم المقاومة الفلسطينية، باعتبارها السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال الصهيوني ومشاريعه الاستعمارية في المنطقة ، وقد
شهد المؤتمر مشاركة واسعة من شخصيات وطنية وممثلي الأحزاب السياسية الذين أجمعوا على ضرورة تكثيف الجهود لدعم المقاومة الفلسطينية بكافة السبل، سواءً على الصعيد السياسي أو الشعبي ، وأكدت المتحدثة باسم الملتقى، الدكتورة رلى الحروب، أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحًا في المواقف، بعيدًا عن الشعارات المفرغة، مشيرة إلى أن الالتفاف الشعبي حول المقاومة لم يعد خيارًا، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا ،
وقالت الحروب خلال كلمتها:
"نحن في مواجهة مفتوحة مع مشروع استعماري صهيوني يسعى للتمدد في المنطقة، وإن أي تراجع عن دعم المقاومة يعني تسليم الأمة إلى مصير مظلم ، لقد أثبت التاريخ أن الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة، والمقاومة هي السبيل الوحيد لحماية الأرض والإنسان" ، وجاء المؤتمر الصحفي ليعيد التأكيد على أن دعم المقاومة الفلسطينية ليس مجرد موقف تضامني، بل هو التزام سياسي ووطني مرتبط بشكل وثيق بأمن الأردن القومي واستقراره ، فالتاريخ والجغرافيا يثبتان أن أي مساس بالحقوق الفلسطينية يشكل تهديدًا مباشرًا للأردن، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو حتى الديموغرافي ، وركز المتحدثون في المؤتمر على عدة أسباب رئيسية تبرر هذا الدعم القوي للمقاومة :
1. حماية الأمن القومي الأردني ، فالاحتلال الصهيوني لم يكن يومًا جارًا مسالمًا، بل يشكل تهديدًا مستمرًا للأردن من خلال سياساته التوسعية، واستهدافه للوصاية الهاشمية على المقدسات، ومحاولاته المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
2. رفض التطبيع ومشاريعه ، و
أكد الحاضرون في المؤتمر رفضهم القاطع لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، معتبرين أن أي تعامل معه يمثل خيانة وطنية وقومية ، وأشاروا إلى أن الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الأردني، ترفض التطبيع رغم الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارس لفرضه.
3. الالتزام القومي تجاه فلسطين ، وشدد المؤتمرون على أن القضية الفلسطينية ليست قضية منفصلة عن الأردن، بل هي جزء من نضال الأمة العربية ضد الاحتلال والاستعمار ، ودعم المقاومة هو امتداد للموقف التاريخي الأردني المساند للحقوق الفلسطينية.
4. الرد على الجرائم الصهيونية ، وتأتي هذه التحركات الحزبية ردًا على الجرائم الصهيونية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تمارس قوات الاحتلال أبشع أشكال العدوان، من القصف والتدمير إلى الاعتقالات والتهجير القسري.
ولم يكن المؤتمر الصحفي مجرد إعلان للمواقف، بل شهد أيضًا الإعلان عن سلسلة من التحركات الشعبية والوطنية لدعم المقاومة، من بينها :
تنظيم مسيرات جماهيرية في مختلف المدن الأردنية تأكيدًا على الموقف الشعبي الرافض للاحتلال والداعم للمقاومة ، فضلاً عن نشر حملات توعوية في الجامعات والمدارس لتعريف الأجيال الشابة بالقضية الفلسطينية وحق المقاومة في مواجهة الاحتلال ، إضافة إلى
دعوات لمقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، والترويج لبدائل وطنية وعربية لتعزيز الاقتصاد المقاوم ، مع
إطلاق حملات تبرع لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار والتضييق الذي تمارسه قوات الاحتلال ، وطرح المؤتمر الصحفي تساؤلات حول مدى تأثير هذا الحراك السياسي على الموقف الرسمي الأردني، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية ، ورغم أن الحكومة الأردنية اتخذت مواقف واضحة في دعم الحقوق الفلسطينية، إلا أن بعض القوى السياسية ترى أن الموقف الرسمي بحاجة إلى تصعيد أكبر، خصوصًا في وقف اتفاقيات التطبيع والطاقة والمياه مع الكيان الصهيوني ،
ودعا الملتقى الوطني الحكومة الأردنية إلى اتخاذ خطوات عملية لمواجهة المشاريع الصهيونية في المنطقة، ومن بينها إلغاء اتفاقية الغاز مع الاحتلال، واتخاذ موقف أكثر حزمًا في المحافل الدولية لدعم المقاومة وفضح جرائم الاحتلال ، واختُتم المؤتمر الصحفي بتوجيه رسالة إلى الشعوب العربية والإسلامية، جاء فيها :
"القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية كل أحرار العالم ، والاحتلال الصهيوني لن يكتفي بفلسطين، بل يخطط للهيمنة على المنطقة بأكملها ، لذا، فإن دعم المقاومة هو دفاع عن الوجود العربي، وعن كرامة الأمة ومستقبل أجيالها ، واليوم، نقف عند مفترق طرق تاريخي: إما أن نكون أحرارًا نحمي أرضنا وكرامتنا، أو نستسلم للمشروع الصهيوني الاستعماري. الخيار بأيدينا" ،
بهذا، قدم الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن خارطة طريق للتحرك الشعبي والسياسي في الأردن دعماً لفلسطين، ليؤكد مرة أخرى أن الأحزاب الأردنية، رغم كل التحديات، ما زالت تحمل شعلة المقاومة، وترفض الخضوع للضغوط الخارجية، إيمانًا بأن النصر سيكون حليف الشعوب المقاومة، مهما طال الزمن . ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .