لا أطمح لشيءٍ في هذه الحياة سوى أن أبقى كما أنا، أن أبقى تلك الانسانة الهينة التي يحمل وجهُها قَبولًا .. أن يبقى قلبي نقيًا مهما رأى من بشاعة العالم، أن يُحب مَن يُحبّه ويتمنَّى الخير دائمًا لِمَن يفعل عكس ذلك ..
ربما قد تسأل نفسك ما الذي أمر به الأن، وهل سيأتي يوم وأدعو الله ان اتخلص من ألم مشاعر تسبب فيه الاخرون أم سيستمر معي للأبد؟ قد تسأل نفسك هل المشاعر جزء طبيعي وأساسي من الحياة، هل يمكن ان تحسن المشاعر جودة حياتنا وبناء علاقات أقوى وأكثر توازنًا مع الآخرين.. فالمشاعر هي جوهر التجربة الإنسانية، التي تمنح لحياتنا طابعها الفريد، وتؤثر على قراراتنا، وسلوكياتنا، وحتى صحتنا العقلية والجسدية. وفي علم النفس يتم تعريف المشاعر على أنها استجابات نفسية وفسيولوجية للمواقف التي نمر بها، من خلال تفاعلها مع أفكارنا وخبراتنا السابقة لتشكيل ردود أفعالنا اليومية، ومع مرور الأيام، ندرك أن المشاعر ليست مجرد ردود فعل عابرة، بل هي قوة دافعة تؤثر على تفاعلاتنا اليومية، وقراراتنا، وسلوكياتنا. فبفضلها، نختار كيف نتصرف، نتفاعل، ونعيش!
والسؤال الأهم لماذا لا يقدر الكثيرين منا مشاعر الآخرين من حولهم؟ وديننا الإسلامي الحنيف دين قامت دعائمه على أساس أخلاقي قويم ؛ بل إن الهدف الأول والأسمى من الدعوة الإسلامية هو ترسيخ ذلك الأساس، قال – صلى الله عليه وسلم - : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". وجاء الإسلام لإسعاد الناس وصلاحهم, وليس لقهرهم وإكراههم. إحترم مشاعر الآخرين دوماً ، رُبما ما يُحزنهم لا يعني لك شيئاً ، ولكنه قد يعني لهُم كُل شيئ .. ومشاعر الآخرين وأحاسيسهم ليست مجالا للتسلية أو السخرية، بل هي حق وواجب ينبغي احترامها وتقديرها.
كم من كلمات وتصرفات تسبب الآذى النفسي للآخرين.. تزعزع الثقة فيهم وقد تمزق أواصر الود والحب والتواصل معهم.
لماذا هناك فئة لا تقدر مشاعر الاخرين ؟؟؟ لإن بداخلهم ضيقًا وضغوطا، بل والبعض لديهم متاعب نفسية. وللأسف، أحيانًا لا يجد هؤلاء منفساً لهذا الضيق، إلا بتفريغه في الآخرين سواءً كان بسخرية لاذعة أو بكلام جارح، يؤذي حتمًا مشاعر من حولهم، انسان تحوَّل إلى كائن أناني بطبيعته، يدور حول نفسه، فلا يهمه الآخر.
كما أن القلب الممتلئ بالقسوة، يجعل الشخص غير مكترثًا بإيذاء مشاعر الآخرين، حتى في مزاحه وضحكه، وأحيانا نتعجل الحكم على الآخرين، بحماس شديد، دون التروّي؛ فنُصدِر أحكامنا التي تؤذي مشاعرَ الآخرين، وغالبًا ما تكون خاطئة، وهنا نعود الى توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم نحو تربية الضمير، وتهذيب النفس، وتطهير الروح، ونقاء القلب، وتقوية كل معاني المودة والرحمة بين الناس.. وهي بالتأكيد تجد القبول من كل نفس سوية، من هنا فإن كل مسلم في أمس الحاجة إلى الأخلاق الفاضلة التي تساعده على أن يلتزم بالسلوك القويم ويتجنب الأذى في تصرفاته وأقواله. قد تستطيع أن تسير بحديثك إلى حيث أردت ولكن هل تعرف الى أي مرسى وطئت؟
فقط أقول احترم مشاعر الآخرين!!
عندما تظن أنك أكبر من أن يحاسبك الغير وعندما تعتقد ان الدنيا باسطة لك جناحيها وان الناس كلهم يحبوك ويحترمونك.. فقط اسال نفسك هذا السؤال ؟؟ ما الأسباب التي دعت الجميع لاحترامي ومحبتي؟!!
قد يحترم الناس صاحب الجاه....احترامهم نابع من مكانته ومن سلطانه وهذا احترام مؤقت يزول بزوال سلطانه.. وقد يحترم الناس صاحب المال والجاه وكله يزوول، و تتعدد الاوجه لاحترام الاخرين.. ولكن.. لن نختلف أبداً من ان صاحب الأخلاق الحميدة هو من اشترى قلوب الناس بالمحبة .
وأخيراً.. من احترم الناس وقدر مشاعرهم من امتلك قلب كبير يرحم ومن عرف أن الحياة هي أخلاق ومبادئ ومن عرف ان المال والمنصب يزول ولايبقى سوى الكلمة الطيبة من نفس طيبة.. أما ما غيره !! من لم يقدر مشاعر الاخرين وتسبب بأذيتهم.. نقول جميعا : ردَّ الله لهم كلَ شعورٍ تركوهُ فينا.. خيراً كان أو شراً ..