زاد الاردن الاخباري -
في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، كانت الأرض تنزف تحت وطأة الظلم، وكانت روح المقاومة تتجسد في شخصيات أسطورية كأحمد المحمود، المعروف "أبو جلدة". لم يكن أبو جلدة مجرد مقاتل، بل كان رمزًا لإرادة شعب بأكمله في الدفاع عن أرضه وكرامته.
كان أبو جلدة يتسلل عبر الحواجز، ينفذ عملياته الجريئة بخنجره، ثم يختفي في ظلام الليل، تاركًا خلفه قصصًا تروى في أزقة المدن وقرى فلسطين. كانت كل ضربة خنجر يوجهها صرخة مدوية في وجه المحتل، وتذكيرًا بأن فلسطين لن تستسلم.ع
في إحدى الليالي، وصل أبو جلدة إلى حاجز يقوده الخفير العسكري الأردني حسين شراري المجالي. كان أبو جلدة يتظاهر بامتلاك مزرعة، لكن فطنة حسين شراري المجالي كشفت زيف ادعائه.
"أنت تكذب، أنت تدخل لنقل معلومات عسكرية"، قال حسين شراري المجالي لأبي جلدة.
لم ينكر أبو جلدة، بل اعترف بشجاعة: "بصراحة، أدخل لأقتل الجنود الصهاينة، وأدافع عن أرضي".
أثار هذا الاعتراف دهشة حسين شراري المجالي، الذي طلب دليلًا على صدق كلامه.
"أقتل الجنود، وأقطع آذانهم كدليل"، أجاب أبو جلدة.
في تلك الليلة، حصل أبو جلدة على كلمة السر الليلية من حسين شراري المجالي، وعاد حاملًا دليلًا دامغًا: أذن جندي صهيوني مربوطة بخيط. لم يكن هذا الدليل مجرد إثبات، بل كان رسالة واضحة بأن الفلسطينيين لن يتوانوا عن استخدام أي وسيلة للدفاع عن أرضهم.
لم تكن قصة أبو جلدة مجرد قصة فردية، بل كانت جزءًا من ملحمة شعبية. ففي كل مدينة وقرية، كان هناك أبطال يقاتلون من أجل فلسطين. كانوا يتسللون عبر الوديان والجبال، ينصبون الكمائن، ويشنون الهجمات المباغتة. كانوا يستخدمون كل ما يملكون، من بنادق قديمة إلى حجارة، للدفاع عن أرضهم.
كانت النساء يلعبن دورًا حيويًا في هذه الملحمة. كن يخبئن المقاتلين، ويقدمن لهم الطعام والشراب، وينقلن الرسائل والمعلومات. كن يزرعن الأمل في قلوب المقاتلين، ويذكرنهم بأن فلسطين تستحق كل تضحية.
كان الأطفال يحملون الحجارة، ويشاركون في المظاهرات، ويهتفون بشعارات الحرية. كانوا يتعلمون من آبائهم وأمهاتهم كيف يحبون فلسطين، وكيف يدافعون عنها.
كانت كل قصة مقاومة، وكل صرخة غضب، وكل دمعة حزن، تزيد من إصرار الفلسطينيين على الدفاع عن أرضهم. كانوا يعرفون أن الطريق طويل وشاق، لكنهم كانوا مصممين على مواصلة النضال حتى تحقيق النصر.
رمزية أبو جلدة: يمثل أبو جلدة روح المقاومة الشعبية، والإصرار على تحدي القوة الغاشمة، والتضحية من أجل الوطن.
دور حسين شراري المجالي: ويُظهر تعقيدات تلك الفترة، والتفاعل الإنساني في ظل الظروف الصعبة.
تُظهر القصة كيف يمكن لإرادة فرد واحد وشعب بأكمله أن تُحدث فرقًا.
تُعد قصة أبو جلدة جزءًا من التراث الشعبي الفلسطيني، وتُروى للأجيال الجديدة للحفاظ على الذاكرة الوطنية، وتجسيد روح الدفاع عن فلسطين.
يظهر من خلال القصة كيف كان الدفاع عن فلسطين واجبًا على كل فرد، وكيف كان الشعب الفلسطيني بكل فئاته يشارك في هذا الدفاع.
قصة أبو جلدة وحسين شراري المجالي ليست مجرد حكاية من الماضي، بل هي درس في الشجاعة والإصرار، وتذكير بأهمية النضال من أجل الحرية والكرامة، وتجسيد لروح الدفاع عن فلسطين.
نقلت هذا القصة. من المرحوم الجندي حسين شراري المجالي. من ابنة الكبير سامي حسين شراري المجالي
توفي الجندي المختار حسين المجالي أوخر عام 1995.
الكاتب:المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي.