قدّم رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز وصفة ذهبية للتعامل مع آليات وسبل التعبير عن الرأي والرأي الآخر، بدعوة «دولته» الأحزاب السياسية، خاصة الممثلة في مجلس النواب، إلى استغلال هذا المنبر البرلماني الحر للتعبير عن مواقفها السياسية تجاه مختلف القضايا، وفي ذلك حتما يكون للآراء أهمية أكثر، ونتائج عملية بدلا من اللجوء لأساليب بعيدة كل البُعد عن إبداء الآراء.
في حديث رئيس مجلس الأعيان أمس في مستهل جلسة لمجلس الأعيان، مضامين هامة تحديدا فيما يتعلق بآداب الحوار الديمقراطي، وإيصال الأفكار، وتقديم وجهات النظر، واضعا بذات الوقت الأحزاب أمام مسؤولياتها التي وُجدت من أجلها، سيما تلك التي حصلت على مقاعد نيابية، فمن يرغب بالتعبير وإبداء الرأي ووجهة النظر حتما منبر البرلمان هو الأهم والأجدى، والأكثر تأثيرا، بعيدا عن عشوائية الطرح حدّ الإساءة للوطن ولمؤسساته، وهذا هو جوهر رسالة الأحزاب بأن تعبّر عن رأي الشارع بوسائل ديمقراطية عملية تُسمع واقعا وحقائق لا ضوضاء وأصوات نشاز!!!
أعاد الفايز للأذهان ملف الأحزاب، وحراكهم ونشاطاتهم الوطنية في مشهدنا الوطني، سيما وأن عددا منها غاب بشكل كبير عن تفاصيله، فيما حضرت بعضها على هيئة عشوائيات وتخبّط، بشكل بعيد عن رسالتها الحزبية، ودورها الغائب في العمل الحزبي الصحيح، الحاضر في ردود الفعل السلبية وغير المنظمة، حقيقة أعاد لأذهاننا «دولته» الأحزاب، لنتساءل أين هي من كل ما يحدث بكافة تفاصيل المشهد المحلي وعلى كافة الصعد السياسية والبرلمانية والاجتماعية والتوعوية وغيرها مما هو جوهر رسالتها.
أن تلجأ «الأحزاب السياسية، خاصة الممثلة في مجلس النواب، إلى استغلال هذا المنبر البرلماني الحر للتعبير عن مواقفها السياسية تجاه مختلف القضايا»، و»عدم النزول إلى الشارع ودعوة الجماهير للتظاهر والاعتصام، واستغلال عواطف المواطنين تجاه ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، لأن البعض يستغل هذه التظاهرات للإساءة للوطن»، هو المفتاح للتعبير الصحيح والمؤثّر، فمن الضرورة بمكان أن تدرك الأحزاب أهمية تأثيرها على الشارع المحلي، تأثيرا إيجابيا بطبيعة الحال، وذلك يكون على منبر مجلس النواب، فقد انتخبها المواطنون لتكون صوتهم تحت قبة البرلمان، صوتهم الحقيقي، دون أي نشاز أو تشوهات.
سؤال مشروع وعملي أين هي بعض الأحزاب اليوم من المشهد المحلي، بكافة التفاصيل، لا أعني هنا قضية معينة، ذلك أنه بمجرد انتهاء الانتخابات النيابية للمجلس النيابي 20، غابت أعداد من الأحزاب عن العمل الحزبي والعمل العام، وكأن دورها يقتصر على خوض الانتخابات، ما يجعل من المواطن يتساءل اليوم أين الأحزاب؟ وما هو دورها؟، علاوة لكون بعض الأحزاب ترى في أن الشارع هو منبرها، وفي ذلك خطأ لا يمكن المرور عنه مرور التجاهل، ويجب التأكيد على أن دور الأحزاب يجب أن يكون حاضرا في المشهد المحلي ومن خلال الوسائل الجوهرية للتعبير عن آرائهم في الأردن والتي أبرزها البرلمان، بغرفتيه النواب والأعيان.
غياب بعض الأحزاب، ولجوء جزء آخر منها لوسائل سلبية في الحوار والتعبير، واستغلال المواطنين عاطفيا، كل هذا ليس عملا حزبيا بالمطلق، إنما نشاز سياسي، وحزبي، سيما وأن وسائل التعبير الحر متاحة، وكذلك المنابر لذلك متاحة، ما يجعل من الدرب واضحا، ويبقى التطبيق مسؤولية حزبية، يجب أن تراعيها كافة الأحزاب السياسية.