زاد الاردن الاخباري -
خاص - كتب محلل الشؤون السياسية : في مشهد سياسي باتت ملامحه تتبلور بوضوح، تتهيأ حكومة الدكتور جعفر حسان لإجراء تعديل وزاري موسّع هو الأول منذ تشكيلها، والمتوقّع أن يتم خلال الفترة الفاصلة بين عيدي الفطر والأضحى. هذا التعديل، وإن بدا في ظاهره خطوة إجرائية لتقييم الأداء، إلا أنه يحمل في مضمونه أبعاداً سياسية وتنظيمية، تعكس تحولات جوهرية في الإدارة العامة الأردنية ونهج الحكم في المرحلة المقبلة.
التعديل: لماذا الآن؟
مصادر موثوقة تؤكد أن التعديل لا يأتي كاستجابة لضغوطات نيابية أو تجاذبات داخلية فحسب، بل هو نتاج مراجعة شاملة يجريها الرئيس حسان منذ تسلّمه لمهامه، مستنداً إلى مؤشرات أداء واقعية، وردود أفعال شعبية، وتغذية راجعة من الميدان. وقد عُرف حسان منذ تسلمه رئاسة الوزراء بأنه رجل أرقام ووقائع لا مجاملات، ولا يتردّد في اتخاذ قرارات مفصلية إذا تطلّبت المرحلة ذلك.
"وزراء التأزيم": من هم؟ ولماذا؟
المعلومات الواردة من مصادر قريبة من دوائر القرار تشير إلى أن التعديل المرتقب سيطيح بعدد من الوزراء المعروفين بإثارتهم لحالات من الجدل والتأزيم، سواء على الصعيد الإعلامي أو تحت قبة البرلمان، أو حتى ضمن ملفات حساسة أثارت الاستياء الشعبي خلال فترات سابقة. بعض هؤلاء الوزراء وُصف أداؤهم بـ"المرتبك"، فيما اتهمهم مراقبون بأنهم "أثقلوا كاهل الحكومة الحالية بأخطاء الماضي".
كما يسعى حسان إلى إخراج حكومته من "عباءة الخصاونة"، وإعادة تشكيلها بملامح مختلفة تعكس استقلالية القرار السياسي والتنفيذي، وتعزز من ثقة الشارع بالحكومة الجديدة.
الحقائب المتوقعة تحت التعديل:
الدوائر المطلعة ترجّح أن يشمل التعديل وزارات تعتبر "الأكثر تماساً" مع حياة المواطنين أو من تشهد توتراً في العلاقة بينها وبين الجمهور، ومنها:
وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي: على خلفية تحديات مرتبطة بمخرجات التعليم، ومطالبات بتحديث المناهج وتطوير البنية التحتية المدرسية.
وزارة السياحة: خاصة في ظل ضعف استثمار الفرص السياحية بعد جائحة كورونا، وتراجع جاذبية الأردن كمقصد إقليمي.
وزارة الإعلام: بسبب جدل واسع حول تعاملها مع حرية التعبير والانتقادات الموجهة لطريقة إدارة الخطاب الرسمي.
وزارة التنمية الاجتماعية: وسط مطالب بتفعيل أكبر لدورها في مكافحة الفقر وتمكين الفئات المهمشة.
وزارة الاستثمار: لعدم تحقيق النتائج المرجوة رغم التسهيلات المعلنة.
وزارة العمل: بسبب أزمة البطالة المتفاقمة وسياسات سوق العمل غير الواضحة.
تقليص وزارات الدولة: عنوان لترشيق حكومي فعلي؟
النية المعلنة بتقليص عدد وزراء الدولة هي بمثابة إشارة إلى تغيير في الفلسفة الإدارية للحكومة، إذ تسعى إدارة حسان إلى عقلنة عدد الوزارات وتوزيع الأدوار بفعالية أكبر. الوزارات ذات الطابع التشاوري أو البروتوكولي غالبًا ما تكون محط انتقادات، وتُعتبر عبئًا ماليًا وإداريًا. ولهذا، يتوقع دمج بعضها أو إلغاؤها بالكامل.
ما الرسائل السياسية من التعديل؟
إعادة التموضع السياسي: يهدف التعديل إلى إرسال رسالة واضحة بأن حكومة حسان مختلفة في المقاربة والأدوات، وتبحث عن هوية جديدة قادرة على تجاوز الإخفاقات الماضية.
ضبط العلاقة مع البرلمان: عبر إخراج الوزراء الذين شكّلوا نقاط احتكاك دائمة مع النواب، والتأسيس لعلاقة شراكة أكثر انسجامًا.
استعادة ثقة الرأي العام: من خلال تقديم وجوه جديدة تحمل كفاءة مهنية وتجديد دماء الجهاز التنفيذي.
مواءمة المرحلة القادمة: مع استحقاقات كبرى بانتظار الحكومة، من ضمنها تطبيق الرؤية الاقتصادية، واستكمال إصلاحات إدارية وسياسية.
جعفر حسان.. رجل المرحلة الصامت
يُعد حسان من أكثر الشخصيات المثيرة للاهتمام في الحياة السياسية الأردنية، إذ يجمع بين الخبرة الاقتصادية والتجربة الدبلوماسية، وقد عرف بصلابته ووضوحه في الملفات. وهو رجل "ميدان ومعلومة"، يُفضل العمل خلف الكواليس على الأضواء. ومع أنه غير شعبي إعلاميًا، إلا أنه يحظى بقبول لدى الدوائر الدولية وصناع القرار.
الختام: ما المتوقع؟
من المرجّح أن يحمل التعديل القادم مفاجآت على صعيد الأسماء والحقائب، وربما يشكّل نقطة انعطاف حقيقية في بنية الحكومة الأردنية. المرحلة المقبلة تتطلب خطابًا جديدًا، وفريقًا وزاريًا قادرًا على التنفيذ، لا الخطابة. ويبدو أن حسان ماضٍ في تشكيل حكومة تتحدث بالأرقام وتُحاسب على النتائج.