لا يخفى على أحد ما يمر به المواطن الأردني من ظروف معيشية واقتصادية صعبة، تتقاطع فيها ضغوط البطالة وغلاء الأسعار مع شعورٍ متزايد بانعدام العدالة الاجتماعية .
وفي خضم هذا الواقع، تفاجئنا الحكومة بمشروع قانون جديد لضريبة الأبنية والأراضي، تصرّ على تسويقه تحت شعار "تحقيق العدالة" بينما هو في جوهره تجسيد لتغوّل تشريعي واضح على ما تبقى في جيوب المواطنين من فتات .
هذا القانون، الذي يُفترض أنه يهدف إلى "تحديث" نظام التقدير العقاري، لا يقدّم أي عدالة حقيقية، بل يفرض أعباء إضافية على الطبقة الوسطى والمحدودة الدخل، عبر تقديرات غير منطقية لقيمة العقارات .
إذ كيف يُعقل أن ترتفع الضريبة لمجرد أن مساحة الأرض تجاوزت الدونم ببضعة أمتار؟ وهل العدالة تعني أن تُساوى العقارات المشغولة بالسكن الذاتي بتلك المؤجرة تجارياً ؟؟
ما يجري ليس إصلاحاً، بل استنزاف ممنهج، فبدلاً من السعي نحو إصلاح ضريبي حقيقي يقوم على تصاعدية عادلة، نجد أنفسنا أمام محاولة لتحصيل الأموال من الحلقة الأضعف، في حين تُعفى رؤوس الأموال الكبيرة والشركات الكبرى من عبء المشاركة الفعلية في مسؤولية الإنقاذ الاقتصادي .
ثم إن توقيت طرح هذا القانون يكشف عن غياب الحس الشعبي والسياسي لدى واضعيه، فالشارع الأردني لم يتعافَ بعد من تبعات الوباء، ولا من الموجات المتتالية لإرتفاع الأسعار، وإذا بالحكومة تمد يدها إلى أحد آخر معاقل الأمان للمواطن _بيته وأرضه_ .
ما نحتاجه اليوم ليس قانوناً جديداً يفرض مزيداً من الضرائب، بل تشريعاً يعيد توزيع العبء الاقتصادي بعدالة، ويحمي الفئات الضعيفة، ويُخضع أصحاب الثروات الكبيرة للمحاسبة والمساهمة .
أما هذا القانون، فهو ببساطة نسخة جديدة من سياسات الجباية التي لم تورثنا إلا الغضب واليأس .
لذلك، أضم صوتي إلى كل صوت حرّ يرفض هذا التغوّل، وأدعو كل غيور على هذا الوطن إلى الوقوف في وجه هذا القانون، بكل ما يتيحه الدستور والقانون من وسائل مشروعة، دفاعاً عن كرامة المواطن، وعن حقه في العيش لا تحت سطوة التشريع، بل في ظل العدالة الحقيقية .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي