السلطة التشريعية وبشقيها (النواب والأعيان) هي التي تنوب عن الشعب في التشريع بما يساعد على تنظيم حياة الفرد في الدولة ولكل علاقاته مع الغير ومع الدولة , والمراقبة لتوفير أقصى درجات العدل والمساواة , وحماية الحقوق والمكتسبات الفردية أو الجماعية , وقبل ذلك الحفاظ على حرية وكرامة الفرد والشعب والوطن , والتعبير عن رأي الأغلبية .
ومن المتعارف عليه أن مجلس الأعيان هو مجلس الملك , فليس للشعب أي دور في اختياره , ومقياس الانتقاء والتعيين هو من يخدم الملك أكثر , أما مجلس النواب , والذي من المفترض أنه ناتج عن اختيار الشعب , وممثلاً لإرادته ورغباته وتوجهاته المختلفة من سياسية واقتصادية واجتماعية , هو كذلك غير شرعي , وذلك باعتراف من أدار العملية الانتخابية وكان مسؤولاً عنها بالمطلق وهي السلطة التنفيذية , إذن هي سلطة تشريعية غير شرعية , وما قامت به خلال العقد الماضي أو أكثر هو باطل بالكامل .
عملية التزوير للإرادة الشعبية , أتت لتكون في خدمة فئة معينة بعيداً عن مصلحة الشعب أو المصلحة الوطنية العليا , إذن هي خيانة عظمى لإرادة دولة بمكونها الأساسي الشعب والجغرافيا , وهذا يقودنا إلى التساؤل , كيف لهذا المكون غير الشرعي وغير الممثل للشعب الأردني يصوغ مستقبل دولته و وطنه , وبعيداً عن طموحه ورؤيته في دولة مدنية تضمن المساواة والحرية , وتحقق العدالة الاجتماعية وتحافظ على هويته وتاريخه؟!!! , مجلس نيابي مزور باعتراف كل من كان مسؤولاً عن وجوده , والغريب أنه لم يُـتخذ بحق أحدهم أي إجراء قضائي أو تحقيق أو مساءلة , بل نجد أنهم يكافؤن بالعطايا , ومن أين ؟!!! , من مال الشعب .
هذا يقودنا إلى السؤال من سيحاسب من ؟؟!!! السلطة التنفيذية هي أيضاً غير شرعية , فقد نالت ثقة مجلس نيابي مزور لتمارس أعمالها كسلطة تنفيذية لخدمة الشعب , فغير الشرعي أوجد لنا المزور , والمزور أوجد لنا غير الشرعي , ليتآمر مرة أخرى على الإرادة الشعبية وحراك الشارع الأردني , الذي يناضل من أجل حريته وسلطته التي سُـلبت في الزمن المغتصَب بأيدي الطوق الكمبرادوري والنيوليبرالي , نعم هؤلاء من زور.. و زور وتآمر .
يجب محاكمة كل من تآمر على الإرادة الشعبية , وكل من كان في موقع المسؤولية في الانتخابات المزورة , سواء في الحكومة أو الأجهزة الأمنية التي كانت معنية أو تدخلت في العملية الانتخابية...هذا أقل اعتذار يقدم للشعب الأردني عن التهميش المتعمد وإبعاده عن المشاركة في صياغة قراره السياسي والسيادي , لقد تحمل الشعب الأردني الكثير من عهرهم ونفاقهم , تحمل الكثير من الإفقار والخنوع والتبعية , لقد خطفوا منه السنين عقوداً ونهبوا مقدراته ومؤسساته وأرضه , وأغرقوه في المديونية المتعاظمة والمعني بسدادها... ونسأل من سيعوض الشعب الأردني عن هذه المعاناة التاريخية..؟؟!!!
عند ربط الأمور ما بين الأعيان(مجلس الملك) وبين النواب(المجلس المزور) , نجد أن مجلس الأمة لا يمثل الشرعية المستمدة من الشعب , بل هو ممثل للنظام وسلطته التنفيذية وبالتالي لخدمة الطوق الأول والثاني في النظام , فكان النهب والسلب وبيع الوطن , وما زالوا ولا زالت المؤامرة .
إذا أردنا الإصلاح , الذي يوصلنا إلى الدولة التي نطمح , دون أن نمر في الأنفاق المظلمة أو سيناريوهات غيرنا الدموية , فلا بد من محاسبة كل من أفسد واقعنا السياسي والاجتماعي , كل من سلب إرادتنا وسلطتنا التي اختطفتها ثـُلة فاسدة متآمرة على الدولة الأردنية الأرض والإنسان والتاريخ... تاريخنا الذي اختزلوه بسماسرة عابرة للأوطان , أمين عمان السابق عمر المعاني لا زال قيد التحقيق , وقانوناً لا زال بريئاً حتى تثبت إدانته , وإن ثبت عليه شيء فهو مدان ومجرم بحق الوطن , ولكن ليس هو المـُلام , لأنه نتاج طبيعي لعملية فساد ممنهجة لسنين طوال قد سبقت المعاني في وجودها , نعم مرحلة طويلة , تمكنت من السيطرة عليها أيادي غادرة بحق الوطن , والمطلوب هو رؤوس كبيرة , وأسماء , لها وقعها على مسامع الشعب يجب أن تحاسب ويطاح بها .