الأردني بطبعه رغم ما يحيط به من تطور وتقدم ما زال يعيش نصف بدوي ونصف فلاح يرضى بالمقسوم ويجنح الى الجماعة في أموره العامة ،والجماعة عنده العشيرة فهي الملجأ والسند وبها يشد ظهره وازره عند الملمات وربما يصل بأحدهم الأمر ان يحقق ذاته من خلال المؤسسة العشائرية نتيجة لكبر عددها او قوة نفوذها او مرجعيتها التاريخية ولا ننكر انه في فترات خلت يتم تولي المناصب الكبرى والحساسة من خلال الانتماء العشائري .
فالأردني يمتاز بالطيبة والكرم وحسن الضيافة رغم ضيق الحال وشح الموارد ولديه الرضي والقناعة اذا توفر الميسور في بيته لمأكله ومشربه ولكن مع تطور الحال وامتداد المدنية الى الريف والبادية كثر عليه طابع التقليد اكثر من التدرج في التطور والنماء فظهرت طبائع جديده وعادات وتقاليد لم تكن مألوفة مسبقا ودخيلة على المجتمع الذي نعيش فغلب طابع التقليد على الطبقة البرجوازية الجديده اكثر من الأصالة في المسكن والملبس والمشرب نظرا للبحبوحة ألاقتصاديه التى مرت على البلاد نتيجة ارتفاع دخول دول البترول وارتفاع أسعار الاراضي حتى طغى النمط الاستهلاكي على حياتنا طابعه وغالبه التقليد بدل الاصاله حتى كدنا نرى ظواهر جديده في مجتمعنا كالنفاق الاجتماعي والتقليد الاعمى لكل شي والازدواجية في تصرفاتنا والمباهاة والبذخ في كل شي من حفلات أعياد الميلاد لاطفالنا الى البذخ والاستدانة لحفلات الزواج وحتى في بيوت العزاء لان هذه المظاهر اصبحت المقياس للمكانة الاجتماعيه . اندرج ذلك حتى على التصرفات الفرديه فاصبح الواحد منا غير منسجم مع نفسه خوفا من الشعور بالدونية التى لا يرضى بها الأردني بطبعه فاصبح يعيش حياة مختلفة مع حاله وواقعه فظهر على تصرفاته الانفعال والنزق والثوران حد الانفجار رغم بساطته ووداعته فالأردني بطبعه سهل الزعل وسهل الرضى ومتسامح ولكن ما زال في داخله النزوع الى تقبل اصحاب الجاه قبل المال والسلطة لذلك يرفض المال والسلطة الجديده غير المرفقة بالجاه الذي ينجم عنه الأريحية والكرم والشجاعة والاحترام فليس غريبا ان نراه الان متمردا رافضا واقعه وينزع الى الثورة لأنه بطبعه يرفض الليبراليه الجديده ويعتبرها دخيلة على مجتمعه وطبقة ترسم بوضوح فوارق طبقيه لم يعتد عليها او يألفها من قبل فما زال على طيبته يرفض الطبقة ألاقتصاديه والهرمية الاجتماعيه السياسية الجديده ويدرك أنها تخدم فئة بعينها اكثرها دخيلة على بلدنا ومجتمعنا وتفكك الروابط اكثر مما تجمع انعكس ذلك على التمسك بالعشيرة ككيان يعرفه كي تدافع عنه وتحقق مصالحه فالسوق الليبراليه الجديده لا يقنع ولا يؤمن بها .
من هنا لا بد من اعادة الخلل الذي حل بمجتمعنا منذ عقد من الزمن والعمل على استبدال الليبراليه الجديده التى هزت المجتمع من كل أركانه وأثبتت فشلها بالعمل على دمج الكيانات العشائرية في الدوله الوطنية بدك تفكيكها لان ذلك هو السبيل الوحيد المتاح لتطور المجتمع الأردني ونمائه .