زاد الاردن الاخباري -
بسام بدارين - وسط توقعات سياسية ورسمية بأن يوجد ملف النسخة الأردنية من الإصلاح السياسي بقوة على طاولة البحث في هوامش الزيارة التي يقوم بها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حاليا لواشنطن.. وسط هذه التوقعات جلس الأخوان المسلمون باسترخاء قليلا في الساعات القليلة الماضية وهم يستعدون في ما يبدو لما بعد هذه الزيارة.
ولا يوجد مؤشر واضح للمسافة التي يمكن أن تقطعها تفاهمات مفترضة بين قادة الأخوان المسلمين وحكومة الرئيس عون الخصاونة، خصوصا بعد عودة الملك والرئيس من الوقفة الحالية التي يتردد أنها مهمة وحاسمة، في ما يخص أربعة ملفات أساسية سيكون من بينها بل أبرزها كيفية التعامل مع المعارضة الإسلامية في المستقبل الوشيك.
وهذه الوقفة حسب المعلومات التي أتيحت لـ'القدس العربي' ستبحث أو يفترض أن تبحث أربع مسائل أساسية، هي الخطوة اللاحقة بعد ننطلاق مفاوضات عمان بين إسرائيل والفلسطينيين، والوضع الاقتصادي الأردني، ومستقبل ومسار عملية الإصلاح السياسي في الأردن، والجزء الأهم منها ربيع النسخة الأردنية من الأخوان المسلمين.
ويبدو أن العاهل الأردني سيلتقى الرئيس أوباما ظهر غد الثلاثاء بعدما انتقلت اتصالات عمان التفاوضية إلى مستوى القنوات السرية، فالمحامي موسى العبداللات القيادي في جبهة العمل الإسلامي كشف النقاب لـ'القدس العربي' عن مفاوضات 'سرية' تجري حاليا بين الإسرائيليين والفلسطينيين في منطقة البحر الميت.
العبداللات قال بان هذه المفاوضات التي يمتلك معلومات عنها ستناقش مستقبل ملف القدس بعد تجاوز العقدة الأولى في ملف الحدود، الأمر الذي ساعد حسب العبداللات في الإعلان في عمان أمس عن إشهار التجمع النقابي الإسلامي وهو مؤسسة سياسية شعبية طازجة يشير العبداللات لإنها لن ترضى بأقل من عروبة القدس وستعمل على دعم المقاومة وإعادة الصراع إلى ثوابته الأساسية باسم النقابات المهنية التي تعتبر الجسم الأكثر أهمية في الأردن.
ويمكن هنا ملاحظة أن إحياء هذا التجمع النقابي القديم نسبيا وتسليم قيادته لكل من المحامي الإسلامي الشهير زهير أبو الراغب ونقيب المهندسين الزراعيين عبد الهادي الفلاحات الممثل الخفي عمليا للاتجاه الإسلامي في لجنة الحوار الوطني هي خطوة تقول ضمنيا بأن الإسلاميون ينظمون صفوفهم في الجبهة الأكثر أهمية في البلادن وهي جبهة النقابات المهنية التي لم تدخل طوال العام الماضي لعبة حراك الشارع.
ولهذا التنظيم الذي تم تنشيطه بشكل مفاجئ نقابيا أغراضه السياسية بكل تأكيد فالإسلاميون يتحكمون بنقابات مهمة جدا، من بينها المحامون والمهندسون وبعض الأطباء وتعداد الجسم النقابي لا يقل عن 130 الف نقابي من أنشط الحلقات وأكثرها تأثيرا في الحياة السياسية والواقع الاقتصادي مما يعني بأن الأخوان المسلمين يستعدون فعلا لتحول أو لشيء ما واختاروا الحلقة الأكثر تأثيرا في المجتمع وهي النقابات المهنية لأسباب تكتيكية.
لكن استعدادات الإسلاميين لمرحلة ما بعد وقفة واشنطن ومسار الإصلاح لم تقف عند حدود إشهار تجمعهم النقابي الجديد فهم يعيدون بقوة تأهيل علاقاتهم مع البنية العشائرية في المجتمع بعد محاولات بائسة لزرع الفتنة بينهم وبين الصف العشائري كما قال لـ'القدس العربي' الشيخ علي أبو السكر رئيس مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي.
فوق ذلك يتهيأ الإسلاميون لإعادة افتتاح مقرهم المحروق في مدينة المفرق وسط احتفال شعبي شرق البلاد، لكن الأهم أنهم تمكنوا من سحب 'لاعب لا يستهان به' هو الشيخ عبد المجيد الذنيبات المراقب العام الأسبق للأخوان المسلمين من صف الدولة، فقد استقال الرجل على نحو مفاجئ من عضوية مجلس الأعيان ـ مجلس الملك - وعاد لصفوف التنظيم الذي كان قد جمد عضويته في خطوة سياسية وتنظيمية بامتياز.
ويمكن الاستدلال مبكرا على أن استقالة الذنيبات المخضرم وأحد أهم حلقات التواصل بين الإسلاميين والنظام ومؤسساته من خلال تعليقات الرجل بعدما قدم استقالته لطاهر المصري رئيس مجلس الأعيان فقد قال: كنت جنديا في الأخوان المسلمين وسأبقى كذلك ثم أضاف: لا يوجد مبرر للخوف من الأخوان أو عليهم وبالنسبة لي كأخ مسلم أدعم الحراك السلمي ولا أسمح لأحد بالمساس بالنظام الحاكم.
هذه التصريحات غير تصعيدية إطلاقا والتوقعات أن الذنيبات عاد إلى قواعده التنظيمية وجازف بترك مجلس الأعيان لان المرحلة اللاحقة قد تتطلب وجود شخصيات معتدلة موثوقة في واجهة الحركة الأخوانية، خصوصا مع قرب الانتخابات الداخلية الخاصة بالمراقب العام للتنظيم، وهي انتخابات يقال انها ستعكس قرار'أردنة' التنظيم وستعيد قيادة التنظيم إلى صفوف أبناء العشائر الأردنية مما يعني إخلاء القيادي الصقوري من أصل فلسطيني همام سعيد لموقع المراقب العام.
أما المثير في استعدادات الإسلاميين أنهم فتحوا أمس الأول بابهم للصحافة والإعلام وهم يعقدون جلسة مفتوحة وصريحة لمجلس الشورى تليت خلالها التقارير السياسية والإدارية والمالية وتحدث فيها أبو السكر وحمزة منصور وآخرون من قادة الحركة.
في هذا الاجتماع المفتوح الرسالة كانت بسيطة وواضحة ومباشرة وبدون لف ودوران وتقول: نحن قادمون للمشاركة في الحكم ونستعد الآن للانتخابات المقبلة.. هذا كلام جديد لم يقله الإسلاميون طوال عام الحراك الماضي ويمكن بوضوح ملاحظة أنهم قالوه في نفس اليوم الذي غادرت فيه طائرة الملك عبدالله الثاني عمان للقاء أوباما في واشنطن مصطحبا معه صحافيين يمثلون الصحافة المحلية بينهم الأخ المسلم سابقا سميح المعايطة
القدس العربي