هي حالة من الشد والرخي والأخذ والعطاء واثبات الوجود والتأكد من هذا الوجود وجدت في سماء الحياة السياسية الأردنية خلال الايام القليلة الماضية ، وإمتلأت صفحات الفضاء الافتراضي والورقي بالكثير من المقالات تتناولت هذه الحالة وتفسر الكيفية التي بدأت واسباب بداياتها وتوقعات نهاياتها ، والنهاية مثل فص ملح وذاب .
وهي حالة حجب الثقة بالوزير المجالي من قبل عدد من النواب ، وهنا أجد انها تستحق الدراسة وبعد انتهائها بالذات لأنها دلالة على الكثير من الطرق التي تستخدم في حل الكثير من أمور حياتنا سواء السياسية أو الاقتصادية داخل غرف السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وتجعلنا هذه الحالة أن نفكر بالكيفية التي يتم بها معالجة تلك القضايا .
في البداية يظهر من خلال هذه الحالة أن منطق الفزعة هو المسيطر على تلك العقلية لأنه وخلال أقل من يومين تم تجميع عدد56 صوت من أصل 120 نائب لحجب الثقة ، وفي أقل من ساعات قليلة شطبت هذه الاسماء ال56 ، وهنا لن نؤيد فكرة أن المصلحة العامة هي التي فرضت على هذا العدد من النواب أن يغيروا رأيهم مائة وثمانون درجة وبهذه السرعة وفي نفس الوقت لن نقول أن هناك فكر موحد لدى اعضاء المجلس النيابي نحو هذه المصلحة العامة وبالتالي قاموا بوضعها في الأول وعلى حساب تحالفاتهم ، وعلى الجانب الحكومي دلت تلك الحالة على عزل وأنفصال تام بين جميع وزارات حكومة الخصاونه فلم يصدر اي تصريح من قبلهم وعلى مستوى الرئيس نفسه .
والشيء الأخر الذي نلاحظة هنا أن حالة من فقدان الذاكرة تتلبس هاتين السلطتين إما عن عمد أو بغير عمد ، وذلك من منطلق أن كلاهما مربوط بحبل الحل أو الرحيل فإذا رحل المجلس رحلت الحكومة وإذا رحلت الحكومة دخل المجلس بكولسات جديدة مع حكومة جديدة لن يستطيع أن يغامر معها مرة أخرى بأي رقم يتعلق بالثقة وخصوصا أنه قد قام من قبل بإستخدام الارقام شبه الكاملة وأرقام منتصف الطريق وأرقام ما بعد المنتصف بشحطات قليلة .
وكذلك الشيء الأخر في هذه القضية أن مجلس نوابنا الكرام يؤكدون على حالة من الفصل التام ما بينهم وبين الشارع الذي أجلسهم على مقعد النيابة ( إذا فرضنا ذلك ) وذلك من خلال رفضهم لمشاركة أحد الوزراء بأي حراك شعبي ، وهنا لنتذكر موقف أحد الوزراء السابقين وهو وزير العدل في حكومة البخيت وماذا كانت النتيجة ، وهم يؤكدون على تلك القاعدة في السلوك من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية والمطلوب هنا أن يبقى الشارع يقود المعركة لوحده وبدون أي مساندة من قبل هاتين السلطتين ، وهنا علينا أن لاننسى كمية الالفاظ النابية التي إطلقت من هذا المجلس على الحراك الشعبي .
وأخر ما يمكن وضعه كتفسير لهذه الحالة هو أن كل ما حدث هو مجرد زوبعة حكومة في فنجان النواب ، وهي زوبعة لن تضر أو تفيد أي من الطرفين ولكن المتضرر الوحيد منها هو المواطن الذي جلس على حافة الفنجان وإستمر بالنظر للزوبعة وهي تدور إلى أن إنقلب رأسه وإحولت عيناه وسقط على قفاه لاعنا تلك اللحظة التي أقنع نفسه أن هاتين السلطتين يمكن أن يختلفا حتى على مجرد وقوف وزير أو نائب معه في الشارع .