تعاظمت الهوة والفجوة بين الشعب والقصر في الأردن. فبالأمس وبينما كنت ماضيا في طريقي إلى العبدلي مارا بمركبتي من أمام الديوان الملكي العامر , فوجئت بأزمة مرورية خانقة أمام الديوان الملكي وأحيانا ألاحظ كغيري أن عدد سيارات الشرطة يفوق المطلوب بكثير. مع الإشارة إلى أن مواطنا كان قد أحرق نفسه أمام الديوان. كردة فعل على ضائقته المالية التي جعلت الثأر من نفسه هو الحل الوحيد بعد أن أصم المسؤولون آذانهم عن الإستماع له .
إن كل ما يحدث عندنا ما كان ليقع لولا التضخم في الفساد الذي أصبح لا يطاق , فقد ظل الفاسدون تتوالى إنتصاراتهم على كل من يقترب من دائرتهم , حتى ليخيل للمراقب أن الفساد الذي ما نجحت حكومة في محاربته إنما أصبحت جزءا منه باستثناء ثلاث حكومات هي حكومات أحمد عبيدات وطاهر المصري وعبدالكريم الكباريتي وهي الحكومات التي أسقطها الفساد وزبانيته في فترات زمنية قصيرة. ولعلي أستذكر ما قرأته لدولة السيد أحمد عبيدات عن حكومته حينما قال وما إن شكلت الحكومة حتى أعلنت الحرب على الفساد, ولما تمضي فترة وجيزة حتى اكتشفت بأن حربي معهم ليست متكافئة.
مراكز القوى هي الفساد ومؤسسوها هم الفاسدون, فقلة قليلة من لم ترد أسمائهم في لائحة المتهمين , وهيئة مكافحة الفساد تتباهى بإعادتها لمبلغ ستة عشر مليون دينار من أصل مديونية تبلغ عشرين مليار , والحكومة التي عجزت موازنتها في عام الحراك الشعبي المنصرم لا يعرف المواطن كيف ستتصرف مع ميزانيتها في العام الجاري الذي سيشهد مزيدا من الحراك الشعبي في ظل وجود برلمان جاء بالتزوير وسط مطالب شعبية بحله . وهو أبسط الأمور المتعلقة بالإصلاح وإذن فكيف تم حل البرلمان الذي سبقه وكلاهما سواء , أليس التزوير وسلب إرادة الشعب هو الفساد بعينه؟ بل هو السبب الرئيسي الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه.
إننا وقد دخلنا عاما جديدا من الحراك الشعبي , فإننا لنؤكد على استمرارية هذا الحراك حتى يؤتي أكله, فقد اعتدنا على ما تضمره قوى الشد العكسي والفاسدين تجاه حراكنا الشعبي فما تحقق من إصلاحات ليس بكاف , ولذا فلا بد من الإستمرار به, لمنع الفاسدين الذين يحاولون إغلاق ملفاتهم بوسائل متعددة ومنها الرشاوي والتسويات وما شابه.
إن الإصلاح قادم , رغما عن أنوفهم , لوقف تدهور البلاد والعباد الذين تفننت حكوماتنا في امتهان كرامتهم والتنكيل بحياة مواطني هذا الوطن .
أقول وأكرر إن الإصلاح قادم ولن ينجحوا في تقسيم شعبنا إلى شرقي وغربي وإلى إصلاحي وبلطجي.