كان من المتوقع أن جلالة الملك عبدالله سوف يزور محافظة الزرقاء، يوم الخميس12/1/2012 وبعد أن جهزت أسماء المستقبلين، وملقي الكلمات، وتم تجهيز اليافطات، ومكان الغداء، وملقوا الكلمات وعريف الحفل، ولم نكن نعرف هل ستقدم الزرقاء على أنها دابوق أم حقيقة معاناة المحافظة التي أنهكها الإهمال والفساد.
هذه المرة الثالثة التي يؤجل بها جلالة الملك زيارته، لثاني أو ثالث محافظة في الزرقاء عددا وتكاد تختصر جميع أصول ومناطق وطوائف وحتى أحزاب المملكة، وهناك من قال أن الظروف الجوية، هي سبب تأجيل زيارة الملك، ولكن الجو كان جيدا، ، وأنا متأكد أن جلالة الملك يعرف عن الزرقاء، أكثر مما سيقال له، ولكنه واقسم على ذلك لم ليكن فقيرا أو متضررا واحدا من الزرقاء، إنما نفس الأشخاص الذين يشاهدهم منذ عشرة أعوام إلا من غضبت منه المخابرات، أو استبدله محافظ جديد بأخر، أو المستجدين وما اقلهم.فما تزال الحكومة لا ترى تغيرات الشارع الأردني ..
طبعا الزرقاء ليست من أولويات الديوان، ولا الحكومة، ولا المخابرات، فشوارعها يوم الجمعة هادئة، لا تعرف حراك إصلاحيا، ولا سياسيا، ومع أنها وصفت بمدرسة السلفية، ومعقل الإخوان المسلمين، إلا أنها ومنذ الربيع العربي، تشهد خمول سياسي، مريب، ومع أنها الأكثر تضررا ، بالبطالة، وبالفقر، وشح المياه، وأزمة السكن وأضيف نقطة التدخل الأمني.
وصدقوني بكل جدارة أقولها إنها المحافظة الأكثر إخلاصا للعرش ، وكلنا يعلم ماذا حدث عام 1956 عندا هب ضباط الجيش ومعهم الإخوان المسلمين لمواجهة انقلاب الضباط الأحرار، وكذل اذرع الأنظمة القومية المجاورة.
ولم تشهد مدينة في العالم تدخلا أمنيا مثل هذه المحافظة، حيث عليك أن تحتفل باي مناسب وتترشح لأي منصب –حتى تضمن الفوز - يما يناسب المحافظ، ومتى هو يوم تواجد مدير المخابرات، فالعقل السياسي مخطوف، واغلبه ، مختار حسب الطلب، والولاء المجاني وزع أكثر من طرود الأمم المتحدة، واقسم أن جلالة الملك كان يدرك، هذا وكان يعرف أن هذه المحافظة، التي عانت الويل بشح الماء خلال موسمي الصيف الأخيرين، ومجمعات حافلات مختنقة، وفساد من البلدية له أول وليس له أخر، منذ عقود وأكشاك للمحافظة، وزعت كهبات مجانية، مثل شكات التنمية، سوف يقف من يختارهم الحاكم الإداري لينشدوا ولائهم، وشكرهم، ولكن هيهات من سيقول لجلالة الملك، أن هذا المحافظة مخطوفة بكل ما تحمل الكلمة من المعنى.
محافظة يزيد عدد سكانها، عن المليون يأتي مدير جهاز امني فيوزع تقسيمة مجلس النواب، والمجلس البلدي من أصحابه، ومعارفه والطبيب الذي يعالجه، وكأن الأمر، سدر كنافة يوزعه كيفما شاء، وفجأة يتحول مسؤول علاقات عامة في إحدى الجامعات إلى محافظ ، في فترة حساسة من المحافظة.
الزرقاء التي توجد في السخنة ، وشوارع حي الحسين والطافح، وجناعة،والجبل الابيض لم لتكن لتوضع أمام جلالة الملك، الذي أتمنى أن يترك كل هذه الرسميات ويتجول في المحافظة فجأة، يشاهد السكان الفقراء، القادمين من كل بقاع الأردن، يستمع للمواطن الواقف أمام مستشفى الحكومي، أو في الحسبة، أو في مجمعات الحافلات.
وما دامت الزرقاء لم تصل إلى توافق سياسي داخلي بين الفئات الاجتماعية، فسوف تظل غير محظية باهتمام الدولة، فهي المحافظة التي ليس لها علاقة بما يجري من حراك سياسي بالرغم من تعرضها للظلم من القطاع الحكومية والخاص والتدخل الأمني، ولكن ضعفها الداخلي، وضعها في هذه الدرجة.ومع إنها أولى المحافظات بالمطالبة لحقوقها.
أجلت زيارة الملك إلى المحافظة المليئة بالنخب السياسية والشهادات العلمية، والأصول السكانية، للمرة الثالثة، والتي تعتبر الأقل مشاركة ليس بالوزارات ولا عدد النواب مقارنة مع كثافتها السكانية وحسب،بل حتى مستوى المحافظين والأمناء العامين المعنيين منها، وكأنها محافظة تعيش على هامش الدولة.
أظن ما كتبته ليس لإغضاب احد والحقيقية السياسية التي أوصلت الزرقاء بين مستفيد يصادر رأي غيره، ويبيح لنفسه، حق المطالبة متى تتطلب هذا الأمر، ولكن اليوم على أهل المحافظة أن يخطو مستقبلهم، ويكفوا بعض المضمونين امنيا عن صناعة مصالح هذه الحافظة.
على كل حال اذكر أن منذ 30 عام ولواء الهاشمية يعاني الأمرين ولم يأبه به احد وعندما تحرك أبناء اللواء لانتفاض ضد ما يعايشونه، جمعهم المحافظ وبحضور مدير المخابرات مع مدراء الشركات، وكل هذا الإعلان عن حراك، فكيف لو قررت المحافظة المطالبة بحقها ومحاسبة من زور إرادتها مرات عديدة، أظن أنها ستحظى بزيارة ملكية ومبكرة جدا.