يموت المواطن العربي في كلتا الحالتين ، المنتمي إلى ثقافة الانتحار والمنتمي إلى ثقافة الشهداء . كلاهما يؤمن أنه سيذهب إلى الجنة مباشرة ، الانتحاري الذي يحرق نفسه أو الشهيد الذي تسقط به طائرة التدريب العسكرية. ينطلق اهل كل واحد من هؤلاء من نظريته وحسب اعتقاده ومبراراته . وإذا كان المنتمي إلى ثقافة الانتحار قد فقد كل ايمانه بالله وبالتالي بطلت كل حججه السياسية او الاجتماعية التي من اجلها اختار ان يغضب الله ،فياتينا اناس ليضعوة في ميزان ذاك الطيار التي سقطت به طائرته الحربية اثناء التدريب او القتال .
الا نفرق بين هذا وذاك ؟ حاش لله اننا نعرف الفرق الواضح والبين بين المنتحر والشهيد لكن البعض يريد ان ياخذنا الى التفسير والتاويل في الواضح الذي لايحتاج للتفسير .
فهاتين الثقافتين مختلفتين تسعى كل ثقافة إلى المساواة الطرف الآخر بعد تسفيل وهتكه ولصق كل الصفات المرذولة به بطريقة هذائية لا تستند إلى أدنى مقوِّم، سواء كان واقعياً أو رمزياً. ثقافة الانتحار تنطلق من ذلك السياسي الذي يعيش لهدف «حب السلطة» والفكر التشاؤمي الذي يقود إلى الاكتئاب واليأس. وكما تقوم ثقافة الانتحار بتسفيل أي عقل نشيط يعمل على صيانة الذات وتجعل منه عقلاً مستقيلاً.
في هذا التكيف الناقص وتحت سقف الدستور العربي المستند الى الدين الاسلامي في اغلب مواده يجرى الصراع السياسي في البلاد العربية بشكل عام من دون أدنى شعور بالواقع من قبل بعض الأطراف. ثقافة الانتحار التي خسرت كل شيء تقريباً بما فيه الأخلاق، تستنجد برؤية شائخة من ثقافات خارجية من أجل تحقيق اهداف لجهات اما حزبية او خارجية مهما كلف الثمن (ضحايا، تدخل خارجي، انهيار الاقتصاد). فلماذا لا تكون ثقافتنا ثقافة استشهاد كذلك الطيار الذي ضمن حب ربعه ورضا ربه وجنته .
لن ينسى المواطن العربي تضحية الشهداء الابطال لكنه لن يذكر ابدا اؤلئك المنتحريين وان صور البعض لهم ولذويهم انهم سيدخلون التاريخ من باب الابطال والمضحيين .
ثقافة الانتحار التي تنتج الانتحار وتصر عليه، لا ترى ولا تسمع ولا تصدّق انها باتت غير مقبولة في المجتمعات العربية والاسلامية ، بل تزداد هستيرية وجنوناً في توكيد ذاتها ، إنها غير قادرة على تفجير النزعات بين المواطنين وتخليد ذكرى للكافرين وكان ذكرى ابا جهل وابا لهب عطرة
العلاج الذي يجب ان تسعى إليه الجهات المختصة لهذه الثقافة ( ثقافة الانتحار ) يجب إن يلبي حاجة المواطن الذي تمزقت افكاره واختلطت عليه المواقف واصبح على وشك ان يخلط بين الحق والباطل ، لأن هذا العلاج لايجب ان يخرج من المختبر الامني ، بل يجب ان يكون بتوعية من المعلم في المدرسة والدكتور في الجامعة ونحن بحاجة إلى تأهيل نفسي واجتماعي لخطورة ثقافة الانتحار التي باتت تشكل طريقة للتعبير عن الراي وايصال الصوت ويجب وإعادة النظر في خطباء المساجد والمناهج التعليمية في المدارس وفي كل من له علاقة بمخاطبة العقل العربي لانها باتت تشكل خطرا على مستقبل امتنا وديننا ...
لان أمراض العقل العربي أصبحت كثيرة، وبعضها قد يصبح مزمناً إن لم يقم الأصحّاء بتدارك المعضلة وإيقاف هذه الهستيريا.