الدول النامية عموماً تتسم بالضعف وعدم المرونة في جهاز الإنتاج، وعدم قدرته على تشغيل الموارد الإنتاجية العاطلة واستغلال المتاح منها، كما أنها تعاني عجوزات كبيرة في موازناتها، وفي عبء الدين الخارجي، بسبب الفساد المالي الذي تعانيه أجهزة الإدارة الضريبية، ونمط إدارة المال العام وجبايته، إضافة حالة عدم الاستقرار السياسي التي فرضتها الدول المتقدمة المبرر في ارتفاع معدل نمو الإنفاق العسكري.
السياسة المالية في هذه الدول تركز جل اهتماماتها على تمويل الموازنة العامة أكثر من تمويل التنمية الاقتصادية فيها، كما أن أدوات السياسة المالية لا يمكن تطبيقها بسهولة في الدول النامية؛ بسبب الخصائص والظروف الاقتصادية التي تسود هذه الدول والمختلفة عن مثيلاتها في الدول الصناعية المتقدمة .
كما أن هدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلدان النامية، لا يتطلب اتخاذ سياسات لتخفيض الادخار وزيادة الاستهلاك، بل أنه يتطلب اتخاذ سياسات لزيادة الادخار وتحقيق التراكم الرأسمالي المنتج (الاستثمار) للتقليل من البطالة والحد من التقلبات التجارية ودورة الكساد والانتعاش، وربما تنطوي السياسة المالية على أهمية في مواجهة مشاكل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بسبب المسؤوليات الملقاة على الحكومة في هذا المكان، خاصة في ظل عجز السياسة النقدية عن مواجهة ذلك.
كما وتهدف السياسة المالية في الدول النامية، إلى تعزيز تراكم رأس المال لتمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقليل حدة التفاوت في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع.
أما اقتصاديات الدول المتقدمة، فتتميز بارتفاع معدل النمو الاقتصادي، ويوجد فيها جهاز إنتاجي قوي ومرن ذو إنتاجية عالية وبنية أساسية مكتملة، كما أن الادخار فيها أكبر من الاستثمار أو أن الميل للادخار أكبر من الميل للاستهلاك، لذلك فإن هدف السياسة المالية يتمثل في تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصاديين عند مستوى تشغيل كامل الموارد الاقتصادية المتاحة ، والتخلص من البطالة والتضخم .
عموماً يمكن القول، أن السياسة المالية في الدول المتقدمة؛ تبرر أهمية الاستثمار الخاص وتسانده لسد أية فجوة انكماشية أو تضخمية، قد تطرأ على مستوى النشاط الاقتصادي عن طريق التأثير على مستوى الطلب الكلي في الاقتصاد، مع قيام الدولة عادة بالمرافق الاقتصادية والاجتماعية الهامة وذات المنفعة العامة.
وعليه يمكن القول أن السياسة المالية قد تكون سبب في حدوث مراحل الدورة الاقتصادية، ويعد الانتقال من الأزمة والركود إلى الانتعاش فالنهوض، حركة صاعدة ترتبط بتغير هيكل الإنتاج لمواجهة الأزمة من جهة، وبردود الفعل التي تبديها القوى الاقتصادية المختلفة من جهة ثانية.
كما تبين الأدبيات أن الركود يمتد لفترة تصل إلى ستة أشهر، بينما يمتد الكساد لعدة سنوات ، ومن المتوقع أن يتضمن تحولات أكثر تأثيراً من حالة الركود، وفيها قد يحدث انخفاض حاد في مشتريات المستهلكين، ويتراكم مخزون قطاع الأعمال من السيارات والسلع المعمرة، ويهبط الناتج الحقيقي، وتتدهور الأرباح، وتنخفض الكفاءة الحدية لرأس المال، وينخفض الطلب على العمل.
ولكن أي انتعاش وأي سياسة مالية يمكن القول عنها في الأردن ؟ ، وما هو دورها في تخفيف حدة الدورات الاقتصادية ؟ فما يحدث في الأردن يظهر الضعف الواضح في قدرة السياسة المالية السيطرة على النشاط الاقتصاد .