خلال أقل من ستة شهور نسمع عن إلقاء صناديق البندورة في الشوارع لأكثر من مرة كنوع من العصيان على هذه الحبة أم الخدود الحمر ، ويقف المزارعون في منتصف الشارع ويلقون بالصناديق ويسسيل الدم الأحمر لحبة البندورة ويرجعون الاسباب دائما لجهة جديدة مرة للسوق الذي أغرق بحبات البندورة ومرت لوقف التصدير للخارج ومرة لعدم وجود ارشاد زراعي لهم عن كيفية التعامل مع السوق ،ومرة لعدم وجود مصانع لرب البندورة ، ومع ذلك يعاودون زراعتها وبكميات كبيرة من جديد .
ومن هذه الاسباب العديدة لا أجد سوى سبب واحد فقط يتحمل مسؤولية هذا الوضع المزري الذي وصلت اليه حبة البندورة أم الخدود الحمر وهو عقلية البندورة العنيدة والتي تصر على أن تخرج من رحم الارض وبذورها كميات كبيرة من ثمارها لم يكن المزارع واضعها في حسابه ، فهذه العقلية هي عقلية طبيعية وليست بحاجة لتخطيط مستقبلي قصير الأمد أو بعيد الأمد ، فعندما يضع المزارع الشتلة في الأرض ويسقيها بالماء تقوم هذه الشتلة بإخراج أوراقها وأغصانها وتبدء بصناعة النوار الذي يؤدي الى تشكيل حبة البندورة أم الخدود الحمر .
إذا لايوجد أي علاقة لأي جهة أخرى حول هذه الظاهرة الطبيعية والتي وضعها الله في شتلة البندورة ، ولايمكن أن نحمل المسؤولية لا لوزارة الزراعة وقسم الارشاد الزراعي بها ولا للمياه التي تسير في القناة وتصب في جذور الشتلة ولا للمزارع الذي وضع الشتلة في الارض وقال كلمته المشهور ( الله يجيب الخير ) ، ويأتي الخير وتعطي هذه الشتلة ثمارها أم الخدود الحمر وتحصد وتوضع في صنادق خشبية وتحمل على ظهور الديانات وتسير في الشوارع لتصل الى الحسبة وهناك تتم المزايدة عليها وتباع لمن يدفع ومن ثم ترسل لرفوف المحال وهناك تباع بسعر يدفعه المواطن .
كل هذه الرحلة تمت بقدرة الله وقدرة حبة البندورة وليس بقدرة أحد أخر ، وفي النهاية ما تبقى منها في المزارع يلقى به في الشارع كإعلان من قبل هذه الحبة أنها أنتجت كمية من ثمارها تفيض عن حاجة السوق ، وكتصرف طبيعي في زمن كالذي نعيشه تقوم حبة البندورة بإلقاء أطفالها في الشوارع معلنة عن عدم قدرتها على تحمل نفقات بقائهم على جذوعها يمصون دمها الذي إنتهى طبيعيا نتيجة لإنتهاء عمرها ، ونقوم نحن بفتح بيوت العزاء لهؤلاء الاطفال بأن نلقي بهم في الشارع كي تدوس جثثهم عجلات السيارات وأقدام المارة وأمام الكاميرات دون خوف من أن توقف هذه الحبة عطائها لنا في المستقبل ... والله يرحم الحبة أم خدود حمراء .